adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
بسرعة فائقة تُباري سرعة الصوت والضوء، جمع مجلس النواب صفوف أكثر من نصف أعضائه ليعقدوا ثلاث جلسات في غضون أسبوع واحد، فيما المجلس في عطلة تشريعية، ويتّخذوا قراراً ويُعدّوا ويناقشوا مشروع قانون، هما ممّا يخدم المصالح الشخصية للنواب المجتمعين.
ليست مفارقة بالطبع أنه بينما ينجح المجلس في تحقيق النصاب لعقد الجلسات الثلاث الهادفة إلى تحقيق مصالح ذاتية، يفشل في عقد جلسة مماثلة للبحث في أزمة المياه، فلم يكن في قاعة الاجتماعات يوم جلسة المياه سوى 50 عضواً من 329 عضواً!.. ليست مفارقة لأنه على مدى دورة برلمانية كاملة (أربع سنوات)، هي الدورة المنقضية الآن، ودورتين أخريين قبلها، سجّل البرلمان العراقي سوابق عدة في عقد جلسات سريعة وكاملة لتثبيت رواتب النواب وامتيازاتهم وتشريع قوانين تحقق مصالح شخصية وفي مقدمها قانون العفو العام الذي استفاد منه إرهابيون قتلة وفاسدون محسوبون على كتل البرلمان وائتلافاته، وبعضهم وجد طريقه الى البرلمان الجديد أيضاً!.. كما سجّل إخفاقات عديدة بعقد جلسات لتشريع قوانين تحقّق مصالح الناس.
الأسبوع الماضي عقد المجلس جلسة مكتملة النصاب حضرها كلّ النواب الخاسرين في الانتخابات الأخيرة، وصوّت على قرار يُلزم المفوضية العليا للانتخابات بإلغاء أصوات العراقيين في الخارج والنازحين داخل المخيمات، وبإجراء العدّ والفرز اليدوي لنسبة 10 في المئة من مراكز الاقتراع، مبرّراً القرار بأنّ عملية الاقتراع شابها تزوير وتلاعب.
أما الجلستان اللتان عقدهما هذا الاسبوع فقد جرت فيهما القراءتان الأولى والثانية لتعديل قانون الانتخابات، ومن المُفترض أن تُعقد الجلسة الثالثة اليوم الأربعاء للتصويت على القانون وسط اعتراضات بأنّ البرلمان غير مخوّل بتشريع القوانين أو تعديلها خلال فترة عطلته التشريعية، إلا في ما خصّ القضايا الطارئة.. وبالطبع فإنّ من القضايا الطارئة مشكلة المياه مع تركيا التي لم يستطع المجلس عقد جلسة بشأنها (!)،لأنها لا تتعلق بقضية خاصة بالنواب أنفسهم!
المجلس، أو بالأحرى أعضاوه الخاسرون في الانتخابات الأخيرة يسعون من وراء تعديل قانون الانتخابات إلى إعادة عملية العدّ والفرز لنتائج الانتخابات في أنحاء العراق كافة، ومن المقرّر أن يعقد المجلس جلسته الثالثة في هذا الخصوص اليوم للتصويت على مشروع التعديل.
مجلس القضاء الأعلى حسم القضية أمس بالحكم بأنّ قضية الطعون في الانتخابات ومجرياتها ونتائجها هي من اختصاص الهيئة القضائية الانتخابية وليس مجلس النواب أو المحكمة الاتحادية، إلا إذا كان في الأمر خرق دستوري.. وبالطبع فإن أكبر خارقي الدستور هو مجلس النواب نفسه.. وهذا ممّا كان وراء إطاحة أكثر من 150 من أعضائه السابقين الذين يتشبثون الآن بالقشّ لإلغاء نتائج الانتخابات بعقد جلسات غير دستورية لإجراء تعديل غير دستوري على القانون!