شهدت مدينة الموصل خلال الأيام الفائتة تبادل عدد من المسؤولين الاتهامات بشأن سوء الخدمات المقدمة، وأفردت وسائل الإعلام المرئية مساحات واسعة لذلك، وتناقلت بشكل مكثف أخبار قائممقام قضاء الموصل حسين علي حاجم في إحدى ضواحي المدينة المتسخة، وهو يحمل مدير بلدية الموصل ومعاونيه مسؤولية تردي الخدمات، واتهمهم بالإخفاق والإهمال، وتجول حاجم في عدد من مناطق مدينة الموصل من بينها حي العربي في الجانب الأيسر، قبل أن يهدد بتوجيه العقوبات في حال استمرت جهات معنية بالخدمات في سباتها، على حد تعبيره .
عقب ذلك ظهر في وسائل الإعلام، عماد عبد مسؤول العلاقات في مديرية بلدية الموصل، وأكد أن الأماكن التي ذكرها القائممقام هي خارج حدود بلدية الموصل، وأنها تتبع مديرية بلدية تلكيف، واستغرب من أن يكون قائممقام مدينة الموصل، غير ملم بحدود مدينته البلدية.
جلسة أسبوعية
لم يستغرق الأمر طويلاً، قبل أن ينتقل الجدال بشأن تردي الواقع الخدمي في نينوى بأسرها إلى مجلس المحافظة، الذي قرر تخصيص جلسة خاصة كل يوم إثنين لاستضافة مدراء دوائر حكومية، وتوجيه الأسئلة إليهم بشان الخدمات والمشاريع .
الجلسة الأولى التي حضرتها "المدى"، حملت الرقم 156، استضيف فيها مدير بلدية الموصل، وممثلون عن دائرتي الماء والمجاري، واستمر أعضاء المجلس لنحو ساعتين بتقديم الاقتراحات، وتوجيه الانتقادات والأسئلة بشأن عمل الدوائر المذكورة.
واقترح عضو المجلس درمات خدر ختاري، أن يتم استحداث مديريات أخرى تساند عمل بلدية الموصل، لتخفيف عبء تقديم الخدمات لنحو 1،750000 مواطن هم سكان الموصل، ودعا إلى أن تكون هنالك مديرية للصيانة، وأخرى للتنظيفات، كما دعا إلى إيجاد صيغة للتنسيق بين الدوائر الخدمية قبل تنفيذ المشاريع، وليس كما يحدث الآن بتعارض المشاريع التي يقدمها عدد من الدوائر الخدمية ومن بينها البلدية والماء والمجاري.
كما اقترح عضو المجلس مجدل أمين، أن تقوم البلدية بطرق جديدة ومبتكرة للتنظيف، من خلال تزويد المواطنين بأكياس النفايات، ومن ثم استلامها منهم وهي ممتلئة، مع أجور رمزية تشجيعية تقدم لهم، وقال بأنه على ثقة من التجاوب الشعبي مع مقترحه.
بعدها تناوب أعضاء المجلس في توجيه الانتقادات إلى عمل الدوائر الخدمية، وطرحوا أمثلة عن التردي في الواقع الخدمي لمناطق متفرقة من محافظة نينوى، وأجاب مدير بلدية الموصل المهندس عبد الستار الحبو عن ذلك، وقال بان مدينة الموصل تعاني من مشكلة كبيرة تتعلق بإدارتها، وهي تعاني من التجاوزات، ومن انتشار الحيوانات السائبة، إضافة إلى قطعان الماشية، التي تعبث بأماكن تجميع النفايات في الأحياء والمناطق السكنية والتجارية على حد سواء.
وطالب بتعاون القائممقامية والشرطة ودائرة الصحة مع مديرية البلدية لحل هذه المشاكل الثلاث التي قال بأنها من أكبر المعوقات التي تقف أمام مديريته.
وكشف مدير بلدية الموصل، عن وجود 16000 ألف تجاوز على عقارات الدولة من أراض وأبنية في مدينة الموصل، وبين أن هنالك لجنة خاصة برفع التجاوزات، برئاسة القائممقام وعضوية مدراء البلدية وعقارات الدولة، وان الواجب الرئيسي للبلدية هو رصد التجاوز وإعلام اللجنة بها، ثم يأتي واجب اللجنة بإزالة التجاوز وفق مدد زمنية تحددها, وأشار إلى انه تلقى كتاباً من مجلس القضاء الأعلى، يتضمن إبلاغ البلدية وباقي الدوائر، بإحالة أعضاء لجنة التجاوزات إلى القضاء في حال تلكأت في رفع التجاوزات بموجب القانون.
كما دعا مدير بلدية الموصل، مجلس المحافظة إلى تفعيل القوانين الخاصة المتعلقة بالنظافة، من خلال فرض غرامات مالية بحق أصحاب المحال التجارية الذين يرمون النفايات والأنقاض في الأماكن غير المخصصة لها، وقال بأن عمل كوادر التنظيف يكون غير مجد، في حال رميت النفايات على نحو عشوائي، وفي أوقات متفرقة من النهار.
وذكر المهندس حسن الرزو معاون محافظ نينوى لشؤون الطاقة والخدمات، أن المأزق الذي وقعت فيه محافظة نينوى خلال المدة الماضية هو خلط الإعمار مع الخدمات، في حين أن الإعمار خدمة تقدم من خلال تنفيذ المشاريع، وبعد إنجازها، تسلم إلى الجهة التي تقدم الخدمات.
وقال الرزو إن مجلس المحافظة كان حريصاً على إدراج أكبر قدر ممكن من المشاريع في خطة تنمية الأقاليم، لكنه لم يضع في حساباته كيفية تشغيل هذه المشاريع بعد تنفيذها.
وطرح الرزو مثالاً على ذلك، كالمشاكل التي تعانيها مديرية بلدية الموصل في عملية التنظيفات، وبين أن السبب في ذلك، هو أن الميزانية التشغيلية لا تتوافق مع الحاجة المتزايدة للتنظيف داخل مدينة الموصل، وأن المدينة في عام 2003، هي ليست الموصل عام 2012، فهنالك تضخم سكاني، وبالمقابل توسع كبير في الحاجة للخدمات.
وأشار معاون الطاقة والخدمات، إلى أن الميزانية التشغيلية لوزارة البلديات والأشغال في تناقص سنوي مستمر، وبالمحصلة، فان ما يخصص للخدمات فقط 30%، وهذا الأمر يحتم على المحافظة ومجلس المحافظة، وضع خطة سنوية خاصة بالخدمات في نينوى، مثلما توضع خطة خاصة بالمشاريع ضمن ميزانية تنمية الأقاليم، واشترط أن تصاغ هذه الخطة من قبل الدوائر الخدمية، وان ينحصر واجب مجلس المحافظة بتحديد الموازنة الخاصة بالخدمات، دون أن تتدخل في وضعها.
وراح الرزو يتساءل عن مشروع الماء الذي يدرج ضمن خطة تنمية الأقاليم على سبيل المثال، ينجز في نهاية الأمر، لكن دون أن توضع له ميزانية تشغيلية، أو تخصص له كوادر عاملة.
واقترح حسن الرزو كذلك استحداث مجلس خاص بالخدمات في نينوى، أسوة بما هو معمول في دول أخرى، مهمته دراسة الخدمات، وتقديم توصيات إلى مجلس المحافظة لإقرارها، لأن ما يصار إليه في مجلس المحافظة حالياً، هو طرح مجموع من الخيارات من قبل أعضاء مجلس المحافظة، يجري الاتفاق بشأنها مع المحافظة، ثم يطلق عليها في نهاية الأمر بخطة تنمية الأقاليم، وهي في حقيقة الأمر ليست كذلك .