TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: فن الحفاظ على المصالح

مجرد كلام: فن الحفاظ على المصالح

نشر في: 11 يونيو, 2018: 07:24 م

 عدوية الهلالي

في كتابه (فن أن تكون على صواب)، يضع الفيلسوف الألماني شوبنهاور قواعدَ يمكن للمرء فيها أن يكون على صواب مهما كان محملاً بالأخطاء أو ناقص الحجة، ومن هذه القواعد قوله إن (المصالح أقوى من العقل)، فإذا كان المستمعون يشكّلون جزءاً من طائفتنا أو جماعتنا نفسها، وليسوا من طائفة الخصم، فإنهم سيجدون كل حجج الخصم مهما كانت جيدة، ضعيفة ورديئة، وحججنا بالمقابل صحيحة وسليمة.. ربما يفكر ساستنا بهذه الطريقة حتى لولم يقرأوا لشوبنهاور أو يعرفونه، فالمهم لديهم أن يكونوا على صواب، والصواب لديهم هو تحقيق أهدافهم ومصالحهم حتى لو كانت ضد العقل والمنطق وضد مصلحة الشعب، والدليل على ذلك أن العديد من خبراء المياه في العراق حذّروا ومنذ سنوات من عواقب بناء سد أليسو التركي ومن سوء ادارة ملف المياه والجفاف المتوقع حدوثه، ليس بسبب خلو وزارة الموارد المائية من خبرات وكفاءات عراقية كبيرة، بل لخضوع الوزارة لعملية المحاصصة والخضوع لحكومات منشغلة بكسب ود ورضا دول الجوار لضمان التشبّث بالمناصب أو تحقيق مصالح شخصية، وبالتالي لم يستمع أحد للخبراء على الرغم من قوة حجتهم وانتصرت المصالح على العقل فجرى اهمال قضية خطيرة يمكن أن تؤدي الى كارثة بيئية وحياتية، اذا ما استخدمت المياه كسلاح إرهابي في الحرب الجديدة القائمة على المصالح الاقتصادية وضمان مستقبل الدول الإقليمية على حساب ضياع ثروات بلدنا النفطية منها والمائية ..
الآن، أصبح سد أليسو التركي واقعاً معاشاً ومعه اقدام ايران على سد منافذ المياه وصار لزاماً على الحكومة العراقية أن تتخذ إجراءً يوقف الخطر الداهم وعلى الشعب العراقي أن يقف موقفاً جريئاً للدفاع عن حياته، لكن واقع الحال يقول أيضاً إن المطالبة بإعادة الانتخابات واللجوء الى الفرز اليدوي أهم بكثير لدى (المتضررين) في الانتخابات من حماية مياه العراق وحياة شعبه، وبدلاً من اتخاذ موقف جريء ومقاطعة البضائع التركية والايرانية أو التفاوض مع الدول الإقليمية بما يصب في مصلحة البلد، ستكون الأولوية للمصالح وستكون المحاباة بديلاً عن التصدي لحرب المياه ، وسيكون على الشعب العراقي أن يقبل بمصير بائس في مقابل أن يحقق قادته مصالحهم ويواصلوا عملية الخنوع .. والى إشعار آخر ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram