علاء المفرجي
يعلن الموسم الدرامي الرمضاني اليوم نهايته، بعد أن شهدت الفضائيات العربية تنافساً محموماً للمسلسلات الدرامية التي توزعت بين بلدان عديدة، وأيضاً تنوعت مواضيعها بين التاريخية والاجتماعية، ولأول مرة نشهد مواضيع عمل عليها أكثر من مسلسل تتعلق باستلهام أحداث الساعة والقضايا التي تضرب أطناب الواقع العربي وتم تناولها من زوايا متعددة، مثل بروز التيارات المتطرّفة وعملها في الساحة العربية.
والتنافس في الدراما لم يعد يتعلق بالعمل الدرامي ومستواه الفكري والفني، بل أخذ بعداً جغرافياً من حيث مصادر صناعته، فلم تعد مصر مثلاً هي القوة المنتجة والوحيدة للدارما والمتسيدة على منابر البث العربية، فبرزت الدراما السورية والخليجية واللبنانية، فضلاً عن الانتاجات المشتركة للفنانين العرب، وإن كانت الدراما في المغرب العربي لم تدخل هذه المنافسة الحامية في الشرق العربي، إلا أنها حاضرة وبقوة.
والسؤال أين نحن من هذا الموسم الدرامي المحتدم في الفضائيات العربية؟ لاشيء يذكر والمتجول في الفضائيات العراقية لايعثر إلا على برامج حوارية تذكرنا بسلبية ما نعيشه، وكأنها لاتكتفي بالفوضى التي نعيشها.. ولابأس أيضاً من مسلسلات فكاهية تجتر المفارقات اليومية.. من دون أن نتوقف أمام عمل درامي عراقي يلفت اهتمام المشاهد العراقي، على الأقل دون الحديث عن تسويقه عربياً.
ولاندري ماهو مصير المنحة الحكومية لتطوير الدراما العراقية التي لطالما سمعنا جعجعتها من دون أن نرى طحنا لها.. بل إن البعض أسهب في الحديث عنها وكأنها (ستنتشل) الدراما المحلية من سباتها الذي طال زمنه.
فما زالت الدراما المحلية تعاني أكثر من مشكلة تحد من انطلاقتها ولعل النص الدرامي الذي هو حجر الزاوية في الدراما التلفزيونية يقف بوصفه العنصر الأهم المفتقد، وإن كان ذلك لا يعني تجاهل أعمال درامية حظيت باهتمام من قبل الجمهور، اعتنت بهذا الجانب من الصنعة الدرامية.. ولأول مرة أصبحنا نتحدث عن كتاب متخصصين في مجال الدراما التلفزيونية تتوافر في أعمالهم شروط كتابة دراما ناجحة. لعل أهم عائق كان يقف في طريق انطلاق الدراما العراقية على مدى أكثر من ثلاثة عقود هو الرقابة وشروطها المتعسفة، التي كانت بمثابة سيف ديمقلس المسلط على كل صنوف الإبداع، خاصة إذا ما عرفنا أن حرية التعبير هي أولى ملامح التفوق في الدراما التلفزيونية. في السنوات العشر الأخيرة تخلص كتاب الدراما من هذا العائق لكنهم لا شك وجدوا أنفسهم أمام رقابة أخرى فرضتها ظروف اجتماعية وسياسية جديدة تسهم بلا شك في تقييد حرية إبداعهم. والعائق الآخر يتعلق بكتابتها (أي الدراما) وأعني به هنا كتابة السيناريو الذي ما زال يعاني نقصاً في الحرفيّة وعدم الإلمام بالشروط الأساسية للكتابة الدرامية.. وهو بالنتيجة فن لا يمكن أن يتعاطاه إلا أصحاب الموهبة. من هنا ومع التطوّر الكمي في حجم الدراما المحلية لا بد من الوقوف عند عدد من العوامل التي من شأنها النهوض بالإنتاج الدرامي كماً ونوعاً، منها حشد الإمكانات البشرية والفنية للدخول في حمى المنافسة مع الإنتاج الدرامي العربي، خاصة مع تطور طاقة الإنتاج الدرامي في معقله الأساس مصر، الذي هو المصدر الأهم للمحطات العربية الأخرى ، وأيضاً مع بروز أقطاب إنتاجية جديدة في عدد من البلدان.
العامل الآخر المهم يتعلق بمنح التسهيلات من قبل الدولة لنشاط شركات الإنتاج الخاصة ووضع ضوابط لدخولها في عمليات شراكة مع القنوات الفضائية المحلية بما يسهم في رفع وتيرة إنتاجها كماً ونوعاً. والأمر المهم الآخر يتعلق بالخطط التي تضعها الفضائيات المحلية والتي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الدور المتعاظم لهذا النوع البرامجي في التأثير بوجدان المتلقي لأن يكون منتجاً وليس مستهلكاً فقط لهذا النوع من البرامج التي اكتسبت أهمية ملحوظة في عصر السماوات المفتوحة