علي حسين
عندما أخبرني أحد الأصدقاء أنّ رئيس الوزراء حيدر العبادي رفض -بحجّة التقشّف - أن يمنح اتحاد الأدباء مبلغاً لإقامة مهرجان الجواهري الكبير تزامناً مع انعقاد مؤتمر اتحاد الأدباء العرب في العراق، تذكرت أنّ الحكومة التي صدّعت رؤوسنا بخطاب التقشف وشدّ الأحزمة، صرفت أكثر من مئة مليون دولار على شراء أجهزة لمفوضية الانتخابات، اكتشفنا فيما بعد أن هذه الاجهزة غير صالحة، ولا بد من العودة للعد اليدوي، سيقول البعض يارجل، متى تتخلّص حالة البطر هذه؟ تريد من حيدر العبادي المهموم بكرسيّ رئاسة الوزراء أن يتذكّر الجواهري، هذا هو البطر بعينه، ما حاجتنا إلى مهرجان يعيد إلينا ذكرى الجواهري ونحن مهد الديمقراطيات الحديثة، وأول من علّم الشعوب، كيف يمكن لجهات مسلّحة أن تتجول في الشوارع بسيارات مظللة وتقتل مَن يعترضها من رجال الأمن، ثم تذهب مطمئنة الى مقراتها، لذلك قررنا أن نتوقف عن دعم الثقافة، فحرام أن تخصص مبالغ لمهرجان ستلقى به كلمات وقصائد، هذه أموال يتامى، هكذا صرخ أحد نوابنا ملتاعاً ذات يوم، وخرج معه روزخونيّة ملأوا الأجواء بكاءً على إهدار الأخلاق وضياع الحشمة وانتشار الرذيلة بسبب شارع المتنبي!
عذراً أبا فرات أيها الشاعر المكافح في سبيل عراق حرّ وديمقراطي، أيها الرمز الوطني الذي أرّخ للبلاد وأحداثها فكان هو العراق لساناً ودماً وكياناً، أتمنى عليك أن لا تغضب أو تحزن، دعاة الديمقراطية اليوم يتناسوك، لأنك لا تنتمي إلى حزب من أحزاب هذا الزمان، يجبر مؤسسات الدولة على إقامة الاحتفالات والموائد، وإذا كانت بعض شعوب العالم تحتفل بمفكّريها وأدبائها الكبار، فهذا لأنهم شعوب عاطفية أكثر من اللازم، ويملكون وقتاً فارغاً لا يعرفون ماذا يفعلون به، فلا تصدّق أيها الشاعر الذي مات منفيّاً من أجل وطنه، أنّ هناك من يهتمّ بإقامة مهرجان لذكراك، فالوطن اليوم مشغول بما هو أهمّ، الحفاظ على كرسي سليم الجبوري من التلف!
للاسف كلّهم، من دون استثناء، ينظرون إلى المثقفين، كمجموعة من عبيد إحساناتهم، بل أدنى من ذلك. أنت مثقف صالح، ما دمتَ ترقص على إيقاعات ركاكتهم،، وتمنحهم صوتك،، وتهتف باسمهم طوال الوقت، وتبتلع ملوّثات خطبهم. لم يكن أحد يتخيّل أن يصل الامر برئيس الوزراء ان يَنكر على الجواهري حقه في التكريم والإستذكار