ثائر صالح
ينتهي اليوم في مدينة لايبتسك الألمانية مهرجان باخ بعد عشرة أيام من النشاطات المتنوعة وبمشاركة العديد من الموسيقيين المرموقين والمتخصصين بموسيقى الباروك وغيرها.
يعود تاريخ المهرجان الى بداية القرن الماضي، فقد نظمت "جمعية باخ الجديدة" مهرجانات غير منتظمة منذ 1904، وأخذت بلدية لايبتسك اقامة المهرجان بعد 1908 على عاتقها بالترافق مع تدشين النصب البرونزي الشهير للموسيقار في ساحة القديس توما. ومنذ ذلك الحين اقيمت مهرجانات مختلفة مرت بمراحل أثرت فيها الحياة السياسية بشدة، فقد أبرزت الدعاية النازية باخ بطلاً قوميا، وهو أبعد شيء عن هذا النعت. واستمرت السلطات الاشتراكية فيما بعد باقامة احتفاليات مع التوكيد على الجزء الدنيوي من أعمال باخ واهمال أعماله الدينية لأسباب أيديولوجية.
كانت سنة 2000 سنة باخ العالمية للاحتفال بالذكرى 250 لوفاته، فشهد المهرجان نقلة نوعية في خضم التهيئة لهذا الحدث الكبير. فقد استقطب مهرجان 1999 15 ألف زائر حضروا 30 فعالية، أما في سنة 2000 فاستقطب 70 ألف زائر، وأقيم نحو 90 حفلاً موسيقياً خلال الاحتفالات، بالاضافة الى المعارض والمؤتمرات العلمية.
أمضى باخ آخر 27 سنة من حياته مديراً للموسيقى في المدينة بصفته منشد كنيسة القديس توما، وهناك ألف الكثير من أعماله الدينية المهمة بينها نسبة كبيرة من كانتاتاته واوراتورياته. وكان مسؤولاً عن الموسيقى الدينية في أربع من الكنائس في المدينة، وعن تدريس الطلبة الموسيقى في مدرسة توما التي اشتهرت بكورس الأولاد. في نفس الوقت أدار المجمع الموسيقي في مقهى تسيمرمان حيث قدمت أعمال دنيوية من تأليفه ومن تأليف موسيقيين آخرين اختارها بعناية.
اشترك هذا العام نجوم الموسيقى، مثل فرقة اكاديمية الموسيقى القديمة برلين بقيادة هانس-كريستوف رادمان، وفرقة أمستردام الباروكية بقيادة تون كوبمان، ومجمع باخ في اليابان بقيادة ماساكي سوزوكي، وفرقة الباروك الانكليزية مع كورس مونتفردي بقيادة جون اليوت غاردينر، بالاضافة الى فرق من لايبتسج والمقاطعة منها فرقة جيفاندهاوس وكورس القديس توما واوركسترا راديو وسط المانيا (MDR).
افتتح المهرجان عصر الجمعة 8 حزيران في كنيسة توما بعمل باخ توكاتا وفوغا، وأعمال لأسلاف باخ الموسيقيين يوهان هرمان شاين (1586 – 1630) وهاينريش شوتس (1585 – 1672)، والموسيقار الذي أعاد موسيقى باخ للحياة فيلكس مندلسون (1809 – 1847). وقدم يوم الجمعة ما مجموعه ست حفلات موسيقية متنوعة منها حفلة في ساحة السوق قدمتها فرقة للساكسوفون – باخ على طريقة الجاز. لم تقتصر الحفلات على أعمال باخ (وأبنائه وأقاربه)، بل شملت أسلافه الذين نهل منهم فنه، ومعاصريه الذين تأثروا به وأثر فيهم، والموسيقيين اللاحقين الذين ساروا على نهجه أو رفعوا من شأنه وعلى وجه الخصوص مندلسون. اشترك في المهرجان نحو 3 آلاف موسيقي قدموا 161 نشاطاً وتراوح سعر التذاكر بين 2 و 105 يورو.
حفل الختام قدم الأحد 17 حزيران وهو قداس باخ في سي الصغير أداه مغنون متميزون مع أكاديمية الموسيقى القديمة برلين وكورس توما، قاد الجوق منشد كنيسة توما الحالي غوتهولد شفارتس.