adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
أسوأ برلمان في تاريخ العراق منذ 1925 حتى اليوم هو البرلمان الحالي (برئاسة سليم الجبوري ونيابة همام حمودي وآرام شيخ محمد) الذي ستنتهي ولايته في غضون خمسة أيام (30 حزيران الجاري) بحكم الدستور.
من دون تزكية أيٍّ من البرلمانات السابقة، لم يحصل أبداً أن تحوّل الدستور إلى ممسحة وأحكامه إلى"لاستيكة"مثلما حصل في عهد هذا المجلس الذي احتشد فيه أكبر عدد من الفاسدين (أحدهم اعترف علناً بأنه وسائر زملائه يقبضون الرشى، ولم يحتجّ أو يشتكي عليه أحد منهم) وعديمي الكفاءة الذين فشلت الأغلبية العظمى منهم في الانتخابات الأخيرة، وهو فشل كان في الواقع عقاباً من الشعب لهم عن فسادهم وعدم كفاءتهم وفشلهم في النهوض بالمهمة التي انتدبوا إليها.
في آب 2015 طرحت الحكومة برنامجاً إصلاحياً استجابةً لمطالب أكبر وأقوى حركة احتجاجية في تاريخ العراق (تواصلت بعد ذلك لأكثر من 30 شهراً لتسجّل رقماً قياسياً عالمياً). مجلس النواب هذا زايد يومها على الحكومة وطرح من جانبه برنامجاً إصلاحياً مُكمّلاً.. بيد أنّ المجلس لم يفِ بتعهداته في تشريع القوانين اللازمة لتنفيذ برنامجه الإصلاحي.. أكثر من هذا أنه لم يدفع الحكومة لتحقيق تعهداتها المماثلة، فظلّ ما طرحته الحكومة والمجلس حبراً على ورق وهواءً في شبك وأكاذيب أريد بها الضحك على ذقون الشعب.
مجلس النواب هذا لم يمدّ يداً الى التعديلات الدستورية المتوجّبة منذ عهد البرلمان الذي سبقه، ولم يشرّع قوانين بناء الدولة التي ألزم الدستور بسنّها والعمل بها منذ 2006 لوضع أسس النظام الديمقراطي ودولة المواطنة (قانون الاتحاد، قانون النفط والغاز، قانون الخدمة المدنية، المادة 140.. الخ)، مع أنّ سليم الجبوري تعهّد للإعلاميين في بداية عهد هذا البرلمان بأنّ هذا الأمر سيكون من أولويات برلمانه.
والبرلمان العراقي في عهد سليم الجبوري وهمام حمودي وآرام محمد سجّل سابقة بعدم التثبت من التصويت على القوانين والقرارات التي يصدرها، فقد مرّر عدداً غير قليل منها بأقل من عدد الأصوات اللازمة.. سليم الجبوري يقرّر أنّ التصويت كان بالأغلبية فتذعن أغلبية الإعضاء – الإمعّات، وتضيع أصوات المعترضين الذين غالباً ما تعمّد الجبوري ونائباه عدم الاكتراث باعتراضاتهم.
وفي عهد هذا المجلس فقط ارتُكِبت الجريمة الكبرى بالعفو العام عن الإرهابيين (السنّة في غالبهم) والفاسدين (الشيعة بأكثريتهم) بتشريع قانون العفو العام منذ سنتين، بل إنّ القانون مكّن الكثير منهم من العودة الى مناصبهم السابقة ليستأنفوا فسادهم ودعمهم للإرهاب.
الآن، يريد السيد الجبوري ونائباه وسائر الفاشلين في الانتخابات التي زوّرتها القوى ذاتها التي جاءت بهم الى البرلمان وشكّلت مفوضية غير مستقلة، أن يحوّلوا الدستور من ممسحة أحذية إلى ممسحة تواليت، بالانقلاب عليه كليّة بالتمديد لبرلمانهم برغم أنف المادة 56 الناصّة صراحة وبوضوح تام على أنّ البرلمان عمره أربع سنوات فقط ابتداءً من عقد أول جلسة له من دون زيادة أو نقصان.
ما يريد أن يفعله السيد الجبوي ونائباه وسائر الأعضاء الذين سحب الشعب ثقته منهم، لا ينبغي السماح به في أي حال من الأحوال،لأنه سيسجّل سابقة مدمّرة.. هذا البرلمان قد ساهم في تدمير حياة الشعب العراقي على مدى سنواته الأربع ويريد لهذا التدمير أن يتأبّد من بعده.
لا يجب القبول بهذا أبداً.. يجب مقاومته بكلّ الوسائل، بما فيها العودة إلى الشوارع والساحات العامة في ثورة شعبية سلمية عارمة.