لطيف القصاب من المسلم به في التاريخ البشري ان مسيرة الحضارة الإنسانية بشكل عام انطلقت في بادئ الأمر من ارض الرافدين ووادي النيل والصين القديمة، ففي هذه الأقاليم تعلم الإنسان القديم كيف يقي نفسه من عوامل الطبيعة وكيف يستفيد من مواردها،
وكانت وسائله في التعلم لا تعدو الملاحظة والمحاكاة والتجربة حتى تمكن في ظرف تاريخي بالغ الأهمية من اكتشاف الكتابة مستخدما الطين وأوراق القصب والبردي ومستندا في تحويل الرموز الى صور ذهنية على رسم الأشكال فيما يعرف بالكتابة الصورية. وفي مرحلة تاريخية لاحقة استطاع إنسان تلك الحضارات الكتابة اعتمادا على الحروف الأبجدية وكل إنسان بحسب لغته وطريقة تفكير الجماعة التي تواجد معها فكانت اللغة الاوغاراتية في سوريا اول لغة فتحت الباب الهجائي للحروف وبالتالي شكلت فتحا في تاريخ التعلم الإنساني.الى ذلك فان الفكر التربوي قد نضج في هذه البقاع أيضاً، ومن ثم انتقل بحسب عوامل التأثير والتأثر بين الحضارات الى أماكن أخرى كاليونان القديمة، وكانت من أشهر أماكن التفاعل الحضاري التي أدت الى انتقال الفكر التربوي من بيئته القديمة التي ذكرناها آنفا الى الجديدة في اليونان وغيرها هي مدينة الإسكندرية المصرية، وفي حقبة تالية عادت مسارات المعرفة ثانية إلى شرق الأرض، فانتشرت الديانات السماوية الثلاثة في هذه الربوع وتكللت الحضارة الإنسانية ببزوغ شمس الإسلام وظهور المعلم العظيم محمد (ص). والتعلم من وجهة نظر القدماء لاسيما في الحضارة العربية الإسلامية لم يخرج عن نطاق القدرة على اكتساب وتحصيل المعارف والعلوم سواء كان ذلك التحصيل بأسلوب ذاتي او من خلال تلقين المعلمين والمربين، وفي كتاب الله الكريم الكثير من الإشارات التي تتناول مفهوم التعلم وترجعه من حيث الأصل الى العناية الإلهية كما في قوله تعالى: " وعلم آدم الأسماء كلها..". كما ترجعه عرضا الى الناس أنفسهم كما في قوله تعالى:" يتعلمون ما يضرهم ولا ينفعهم.." وما تزال مسيرة التربية والتعليم ماضية في تطورها الحثيث عبر العصور وقد شهدت في العصر الحديث الوصول الى نتائج باهرة من حيث اتساع رقعة التعلم فضلا عن تبسيط هذه العملية وتذليل صعابها بالنسبة لسائر المتعلمين وذلك بفضل شيوع التقنية العلمية الحديثة. إلى ذلك فان من المسلم به أيضاً لدى جميع الأمم اقتران التعلم السليم بالسلوك السليم سواء على مستوى الفرد او المجتمع كما ان من الحقائق التي لا يرقى إليها الشك هي ارتباط مستوى حضارة الإنسان بمدى ما تملكه هذه الحضارة من منظومة تعليمية فالتناسب بين التحضر والتعلم هو تناسب طردي ولهذا فان الدول التي بزت غيرها من حيث التقدم في جميع المجالات أنما ارتكزت نهضتها على أصلاح هذه المنظومة والشواهد على هذه القضية كثيرة ومن ابرزها التجارب اليابانية والصينية والماليزية والهندية. وفي الحضارة الغربية الحديثة ثمة اختلاف بين المتخصصين حول الاتفاق على إيراد تعريف محدد للتعلم، مع هذا فثمة أكثر من تعريف مشهور لهذا المفهوم، من ذلك ما نص عليه هليغارد بالقول: ان التعلم هو تغير في سلوك تعامل الفرد مع موقف محدد باعتبار خبراته السابقة، وكذلك هناك تعريف للتعلم صاغه العالم هيرغنهان مفاده: ان التعلم هو تغير دائم نسبيا في السلوك او القدرة على انتهاج سلوك جديد ناتج عن الخبرة. والتعلم من الناحية النفسية هو زيادة في البناء الإدراكي للدماغ البشري، اما التعلم من الناحية البيئية فانه يمثل مجموع المعارف والخبرات والقيم والميول والمهارات الجديدة. كما ان هناك العديد من التعريفات القاموسية لمفهوم التعلم تتباين في مدى صوابيتها وتحديدها الدقيق لهذا المفهوم المهم، وتتراوح هذه التعريفات بين وصف التعلم بكونه القدرة على اكتساب المعرفة الى القدرة على الاستيعاب. ومهما كانت الفروق الملاحظة في تعاريف المفاهيم التي تتصدى لفكرة تعريف التعلم فان التعلم لا يعدو عن كونه عملية تحدث في دماغ الإنسان وينتج عنها زيادة او تغير ايجابي في الإدراك وبالتاي في السلوك البشري المتصل بهذا الإدراك. ان المركز الأساسي للتعلم يقع في منطقة العقل، فالدماغ هو مصنع التعلم كما ان الرئتين هما مصنع الأوكسجين، اما كيف يحدث فعل التعلم فان ذلك يتم من خلال عمليات فيزيائية معقدة تلعب فيها الحواس دور الناقل للمعلومات فيما يضطلع المخ بدور التفسير. ومن ابرز العوامل المؤثرة في عملية التعلم هي:1- العامل الوراثي 2- عامل النضج الزمني 3- عامل الذكاء 4- الحافز: وهو قوة نفسية كامنة تحرك الفرد لأداء شيء محدد rnنظريات التعلم: كما هو معلوم فان النظرية تمثل مجموعة من القواعد والقوانين التي ترتبط بظاهرة ما بحيث ينتج عن هذه القوانين مجموعة من المفاهيم والافتراضات وبقدر ما يتعلق الامر بنظريات التعلم فانها من الكثرة بحيث لا تسعها جميعا هذه الورقة لذلك فسوف نختصر على إيراد أهم وأشهر تلك النظريات في المرحلة المعاصرة للتعلم: 1- نظرية ثورانديك للتعلم: تتلخص هذه النظرية في ان الاستجابات الحسية التي يبديها الفرد وترتبط برابطة ذات طبيعة عصبية. 2- نظرية بافلوف: تنص هذه النظرية على ان اقت
فـي التعلم ونظرياته المعاصرة
نشر في: 20 إبريل, 2010: 04:33 م