محمد حمدي
تضج وسائل الإعلام المختلفة وتشحن معها مواقع التواصل الاجتماعي بمئات التقارير والأخبار والصور والنقاشات المحتدمة حول الحدث العالمي الأبرز على الساحة مونديال روسيا 2018 تفاصيله سلبياته وإيجابياته من جميع الجوانب، وهي حالة طبيعية توازي أهمية الحدث الرياضي وانتشاره ومعها تعمّ الفائدة في كيفية تعبيد الطريق نحو التطوّر بجميع الجزئيات في البطولة وما هو المناسب لكل بلد طامح في استثمار موهوبيه والتحليق بهم والمنافسة مستقبلاً لأن المراوحة بذات المكان هي الفشل بعينه.
لقد خطّ الفيفا الطريق لبعضهم ضمن منهاج عمله في نشر كرة القدم والارتقاء بها الى البلدان التي ما زالت ضعيفة نسبياً كما هو الحال مع الصين والهند اللذين يمثلان نصف سكان العالم تقريباً ومع ذلك لا وجود يذكر للتأثير الكروي فيهما، الأمر الذي يدعو الى أن تكون هناك صحوة مدعومة من الاتحاد الدولي للاستفادة من طاقاتهما المهاجرة والداخلية وبخاصة المغتربة في بلدان التطوّر والنجومية في عالم الكرة وتحديداً الهند التي تملك اكبر الجاليات في أوروبا .
هذا الطرح يذكّرنا بحديث كابتن منتخب مصر السابق حسام حسن بمدى التأثير الذي أحدثه المحترفون الأفارقة في عديد دولها وكيف مهّدوا الطريق الى أبناء جلدتهم في التواجد بأكبر الدوريات الأوروبية، مضيفاً أن وجود محمد صلاح في ليفربول ومحمد النني في الأرسنال ضمن الدوري الانكليزي، أحدث ثورة في نجومية لاعبي مصر الذين سنراهم بكثرة هناك وبفعل الجاذبية وحب التألق والاندفاع الصحيح نحو الهدف، إزاء هذه الاحاديث التي تصبّ في مجملها بواقعية نهر الاحتراف المنتج والتسليم بحقيقة أن البلدان التي نراها تحقق الفوز والانجاز من بلدان أوروبا تحديداً لا غبار ولا شائبة على سلامة نهجها الرياضي بمختلف الألعاب وليس كرة القدم وحدها.
يطلّ علينا وفي خضم الحاجة بالاستفادة من الاحتراف وما يوفره لمنتخباتنا الوطنية في ظرف التراجع الصعب الذي نعيشه مَن يدّعي بعبثية الاستفادة من اللاعب العراقي المحترف في أوروبا، بل ينحدر التفكير الى اشدّ مستوياته نزولاً عندما تسمع من رياضيين معروفين بأن أهل أوروبا كما يحلوا لهم أن يطلقوا على المحترفين هناك، إنما يريدون العودة الى العراق من أجل منافسة اللاعب المحلي على رغيف خبزه وربما وصل الحال الى المدرب المحترف أيضاً!
لا أعرف في حقيقة الأمر طريقة التفكير هذه، وإن كانت عامة فهي كارثة بكل معنى الكلمة، ففي الوقت الذي تتهافت فيه البلدان على مواهب الأبناء المغتربة نرى العكس وننشد انصهارها في البلدان الأجنبية تحت شعار لا حاجة بنا لخدماتهم وهناك من يضع العراقيل أمام استقدام أي نجم عراقي مغترب بتفسير أقل ما يقال عنه أنه غلّف بالأنانية وضيق البصر والبصيرة، ولا يمكن أبداً أن نقف مكتوفي الأيدي في الإعلام ونحجب الإشارة الى أي عراقي محترف مُنجِزْ بأية لعبة رياضية.
على اتحاد الكرة بدورته الجديدة وجميع لجانه والاتحادات الأخرى أيضاً أن تجتهد في بحثها عن الإمكانات والمواهب المغتربة من الجاليات العراقية الهائلة، ولا نفوّت أية فرصة في الحصول على خدماتهم، ومن يفكر في المحلية وتشديد الخناق عليها والقصد اللاعب المحلي، فإن العكس هو الصحيح لأن شحن المنتخبات بلاعبين محترفين لهم أهميتهم ستشدّد من حالة التنافس بالتأكيد وتوفر فرص كبيرة للمدرب في زج افضل اللاعبين وأغزرهم إنتاجاً في الملعب، وهو ما نريده اليوم في توجّهنا نحو العالمية في الانجاز، ونبذ كل أسباب التخلّف القديمة التي جثمت على صدر رياضتنا وصرنا نعتمد التزوير والغش والبطولات الوهمية لنغفوا على ما نسميه إنجازاً واهياً، فيما يتقدّم العالم من حولنا الى الأمام ونخسر رصيدنا الذي نرى أنه في متناول اليد.