علي حسين
أنا وأنت عزيزي القارئ ومعنا الملايين من العراقيين مجبرون على متابعة حلقات معادة ومكررة من مسلسل مضحك اسمه"الكتلة الأكبر". ولانشغال الجميع بصياغة حلقات مسلية من هذا المسلسل، تصبح قضايا مثل انتشار الحمّى النزفية وغياب الكهرباء وتسرب أسئلة الامتحانات، وتفجير صناديق الانتخابات، مجرد اخبار من الدرجة العاشرة، وأنا وأنت أيضا ومعنا عشاق كاظم الصيادي مجبرون على سماع حديث يسخر فيه النائب"الهمام"من امرأة قائلاً"البنيّة آن"ويقصد الوزيرة آن نافع لمجرد أنها مسيحية ولا تنتمي لطائفتنا ولا تملك ميليشيا أو حزب يجبر نائب على الاعتذار، ثمة مؤهلات وتقاليد لا بَّد أن يمتلكها من يريد أن يعمل في السياسة، أبرزها احترام الآخر، والتواضع، فالسياسة ليست كرسيّاً ومنافع وامتيازات، بل مسؤولية وشرف وأمانة.
منذ يومين وصحف العالم منشغلة بالملحمة الإنسانية التي قدمتها حكومة تايلاند، وهي تستنفر كل جهودها من أجل إنقاذ فريق كرة قدم مكون من 12 طفلا حوصروا داخل أحد الكهوف.
مع هذا الرقم تذكّر أيها القارئ عدد ضحايا العمليات الإرهابية التي وقعت في مدن العراق، يرفض ساستنا أن يراهم الناس في لحظة ضعف بشري،فكيف يمكن لسياسي بحجم كاظم الصيادي أن يذرف الدموع وهو الذي يملأ الفضائيات والصحف خطباً وشتائم ومعارك بالمسدسات؟!
كأنما الدرس الذي تعطيه بعض الشعوب موجّه على نحو خاص، الى بلد البرلمان ذي الاكاذيب الكبيرة، عشرات من العراقيين خاضوا حرب الحياة مع كدس الاسلحة في مدينة الصدر، وتهدمت بيوتهم، لم يجدوا حتى اللحظة الفاصلة بين الموت والحياة أي مسؤول يقف منتظرا عسى ان يتم انقاذهم.
12 طفلاً وقفت تايلاند من أكبر مسؤول الى أبسط مواطن تذرف الدموع لأجلهم، فيما تخلى مسؤولونا عن إنقاذ مواطنين تحولت بيوتهم الى مقابر جماعية.
تقوم تجارب الحكومات الناجحة على الصدق والمشاعر الإنسانية. فيما تعيش حكوماتنا الكسيحة على الشك والنميمة والانتهازية واحتقار الإنسان.
وأنا أتابع محنة الاطفال في تايلند كنت أقول لنفسي ما الذي سيفعله ساسة تايلند المشغولون بالصراعات السياسية أيضا، فقدمت لي الحكومة والمعارضة الجواب شافياً. موقف موحد يقول للشعب لا خيار، إما الحياة لهؤلاء الأطفال وإما الذهاب في عتمة الكهف.. فيما وزيرة صحتنا"الهمامة"عديلة حمود حصدت التصفيق والإعجاب في مجلس النواب بعد
كارثة مستشفى اليرموك التي راح ضحيتها عشرات الأطفال الرضّع!.