adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
لن يكون مُدهشاً أبداً أن تُظهِر عمليّة إعادة العدّ والفرز يدويّاً لنتائج الانتخابات في عدد من المحافظات والمناطق، إنّ ثمة فرقاً بنسبة 5 بالمئة أو 50 بالمئة أو حتى 99.99 بالمئة بين النتائج المُعلن عنها سابقاً والنتائج الحقيقية التي تتوصّل إليها الآن مفوضية الانتخابات المؤقتة (القضائية) المشرفة على عملية العدّ والفرز الجديدة.
لا مجال للدهشة والاستغراب، فهذه ليست المرة الأولى التي تشهد فيها العملية الانتخابية في العراق عمليات تزوير. التزوير كان قائماً على الدوام في كل عملية انتخابية.. هذا التزوير كانت دائماً تديره قيادات الأحزاب المتنفّذة في العملية السياسية، وهي التي في الأساس صارت متنفّذة بفعل وفضل سلطة الاحتلال الأميركية – البريطانية التي اختارت أزلامها المناسبين مُسبقاً وجاءت بهم الى الحكم، حتى من دون تدريب على كيفية إدارة السلطة والدولة.. بل إنّ سلطة الاحتلال هي التي دلّت هؤلاء الأزلام على دروب الفساد الإداري والمالي ومسالك التزوير.
نعم التزوير كان منذ البداية سيّد الموقف في الانتخابات ( البرلمانيّة والمحليّة سواء بسواء، ولا استثناء للانتخابات النقابيّة وما شابهها)، وهذا ما يفسّر استقتال الأحزاب المتنفّذة في سبيل سلب مفوضيّة الانتخابات، كما سائر الهيئات "المستقلة" استقلالها المُفترض بحسب نصّ الدستور.
الرأي العام العراقي بأغلبيته الوطنية كان منذ البداية يطالب بإبعاد عملية تعيين أعضاء المفوضية عن سطوة وسلطان الأحزاب المتنفّذة، وبوضع آلية مهنية بدلاً من ذلك، لأجل ضمان استقلالية عمل المفوضية ونزاهتها وحيادها، لكنّ الأحزاب المتنفّذة، ومعظمها من قوى الإسلام السياسي صاحبة القدح المعلّى في الورع الكاذب والتقوى الزائفة، كانت تقف بالضدّ من هذه المطالب، بل تشكّك في دوافعها وأهدافها.
القضيّة الآن ليست ما إذا كان التزوير قائماً على قدم وساق في الانتخابات الأخيرة، فهذا ممّا لا لا يُمكن نفيه حتى لو حلف أعضاء مجلس المفوضية بـ 99 إماماً وقدّيساً ونبيّاً وبعشرة كتب مقدّسة... القضية هي أنه بعد أن ينفضّ "المولد" الانتخابي الحالي، وتظهر النتائج "الصحيحة" وتصادق عليها المحكمة الاتحادية وينعقد مجلس النواب الجديد، هل ستبقى مفوضية الانتخابات التي نُحّيتْ جانباً مؤقتاً، فتستأنف عملها تحضيراً لانتخابات مجلس المحافظات بعد خمسة أشهر وللانتخابات البرلمانية التالية بعد أربع سنوات ،أم أنّ مجلس النواب الجديد سيُعيد على أسماعنا الإسطوانة المشخوطة ذاتها، بأن يشكّل هو، بل ممثلو الأحزاب المتنفّذة فيه نفسها، مفوضية جديدة على وفق المواصفات السابقة وكأننا "لا رحنا ولا جينا"، "وكأنك يا بو زيد ماغزيت"، وكأنّ الانتخابات الأخيرة لم تشهد عملية تزوير فاقعة وفاضحة تتحمّل المسؤولية عنها أولاً وأخيراً الأحزاب المتنفذة التي لا تكفّ عن التمسك بتزييف إرادة الشعب وفرض أزلامها الفاشلين الفاسدين عليه نواباً ومسؤولين في سائر مؤسسات الدولة والمجتمع.