بغداد/ المدى
إعتادت المدى في الجانب الثقافي أن تُقدم لجمهورها كل ما هو جديد، وما من شأنه خدمة الثقافة ودعمها، ولأننا حريصون على دعم فئة الشباب على وجه الخصوص، وتوفير السبل الأسهل في تطوير ثقافتهم ومعرفتهم وفرّنا لهم " نادي المدى للقراءة في بغداد " وهو الفرع الثاني حيث أن هنالك فرعاً سابقاً في محافظة أربيل...
قدم النادي فرصاً لتشجيع الشباب على قراءة كتب معرفية وثقافية مهمة جداً وصينة، وبإستقطاعات خاصة، وعروض مميزة، إضافة الى إقامة جلسات حوارية نصف شهرية لتبادل الواقع الثقافي والمعرفي بين الفئات الشبابية، والحديث عن إحدى الكتب التي يختارها الشباب لمناقشتها...
ظهيرة يوم الجمعة الفائت في شارع المتنبي قُدمت أولى جلسات النادي، لمناقشة كتاب رواية "الجوع " للكاتب النرويجي كنوت هامسون وترجمة محمود حسني العرابي، والصادرة عن دار المدى للطابعة والنشر، وكانت الجلسة بالتعاون مع المركز الثقافي البغدادي، متمثلاً بمدير المركز السيد طالب عيسى، وكادره مسؤول الإدارة مصطفى النعيمي، وامين مكتبة بغداد حسين علي والإعلامية أيسر الصندوق، حيث اتخذت من قاعة مكتبة بغداد موقعاً للندوة...
قدم الندوة كل من الكاتبة رشا الربيعي والشاعر مرتضى الكناني، اللذان قدما ورقة نقدية عن الكتاب حيث وصفت الربيعي بطل الرواية بـ "الجائع الغني، بعد أن كان بإمكانه ان يعطل سير عربة بمنكبه بدا أوقاتاً أخرى غير قادر على السير." ما هي الحكمة من البؤس وكيف منح البطل بعداً واقعياً أحياناً نراه يشكو من الآلهة والاخرى يتضرع لها، الجوع لم تكن مجرد رواية بل هي ملحمة البؤس الفاجع."
أيضا تحدث مقدم الجلسة الشاعر مرتضى الكناني عن حياة الكاتب كنوت هامسون قائلاً " إن رواية الجوع تُعدّ واحدة من الروائع التي قدمها هامسون والتي حصلت على جائزة نوبل، هذا الكاتب الذي مارس العديد من المهن الوضيعة في بدايات القرن العشرين حيث كانت النرويج آن ذاك تعاني الكثير من البؤس الاجتماعي والاقتصادي، ثم انتقل بعدها الى الولايات المتحدة الاميركية، وكتب عن الحياة الاميركية أيضا في إحدى كتبه مُنتقداً إياها."
وخلال الجلسة نوّه عضو نادي القراءة ابوعبيدة حميد إلى حياة الكاتب ذاكراً "إنه كان مؤيداً لألمانيا النازية، ولم يُغير موقفه ابداً رغم أن الشعب النرويجي اعتبره خائناً فيما بعد."
وجاءت ضمن الجلسة دراسة نقدية للرواية والتي قدمها الدكتور احمد الظفيري ذاكراً " إن عرض عام عن الرواية وسياقها التاريخي سيقودنا الى بدايات القرن العشرين أو مطلعه، حيث يجب أن نذكر أن هناك مفارقة كبيرة بين النرويج آنذاك واليوم، فاليوم تعدّ النرويج من اكثر الدول سعادة والأفضل معيشة في العالم."
أما عن خصائص الرواية اسلوبها وتقنياتها يشير الظفيري " أن الرواية كلاسيكية حاول الكاتب من خلالها الى الانتقال الى تحديث آخر او الى التجديد، ولكنه لم يتمكن من عمل كل التحديثات الروائية، ولو قورنت الرواية بروايات لكتاب كلاسيكيين في ذلك الوقت فسوف نلاحظ الكثير من عوامل التجديد فيها.
اعتمد الكاتب على شخصية البطل الواحدة، والذي لديه دوماً صراعاً لكن صراعه كان مع الظروف الاجتماعية والانسانية والجوع، يذكر الظفيري إن "بطل الرواية مغرور رغم حالة العدمية التي يمر بها وهي احدى المشاكل الاجتماعية التي حاول هامسون أن يشير اليها، إضافة الى أنه أشار الى الجانب الما ورائي في الرواية."
من ضمن الأوراق التي عرضت في الجلسة ورقة لأنور الموسوي عضو في نادي القراءة وقرأتها بالنيابة عنه الكاتبة رشا الربيعي وتضمنت الورقة "بين فكي الجوع والتشرد، احتفظ البطل بكرامة وضمير منقطع النظير، لا أبالغ إن عرفته على أنه مثالي حد المأساة، فبين الضمير المفقود في القرون الوسطى، وبين اكتشاف شكسبير له على حد قول الراوي، تمثل البطل بتقمص دور الشرف الى ما لانهاية وكأنه نصف نبي أختار أن يصنع ملحمة الفكين، ملحمة الجوع وملحمة الشرف، حيث اختزل الكثير من صراعه وجاء أخيراً بالحكمة حينما قال (هذا هو مسلك الشرف في الحياة الدنيا، لا كلام ولا حديث مع حثالة الناس..)إلى هنا في رأيي كانت تنتهي الحكاية."
استمرت جلسة نادي القراءة بعدها لمناقشة اختيار الكتاب المقبل للنادي حيث وقع الاختيار على كتاب " الاسلمة السياسية في العراق : رؤية نفسية" للكاتب والباحث والاكاديمي في مجال علم الاجتماع فارس كمال نظمي، حيث سيتم اقامة الجلسة التالية لنادي القراءة باستضافة مؤلف الكتاب وذلك يوم الجمعة الموافق 20 تموز 2018.