علي حسين
منذ شهر مضى، أصدر حزب الفضيلة"مشكوراً"بياناً شديد اللهجة يحذر فيه إقامة الحفلات المضرّة بهوية وسمعة"مدينة البصرة الحسينية"وخاصة خلال أيام عيد الفطر المبارك. وشدد الحزب"مشكوراً أيضا في بيانه الثوري على ضرورة إصدار قوانين صارمة تمنع المستثمرين وأصحاب الأماكن التجارية والترفيهية من القيام بممارسات تخالف ثوابت الدين والآداب العامة.
طبعاً وأنا أكتب هذه الكلمات، لا أدري بمن كان يفكر أصحاب البيان الثوري عندما اكتشفوا أن مشاكل البصرة في الحفلات التي تقام في الأعياد ، هل فكروا بالمواطن البصري الذي يشتري الماء لعائلته؟ هل خطر ببالهم أن المحافظة تعاني من سوء الخدمات وغياب الكهرباء، هل شاهدوا فديو نسليب المراة البصراوية في وضح النهار؟ هل فكروا بالأموال التي سرقت على مشاريع فضائية.. ربما سيقول البعض يا رجل هل أصابك الزهايمر ونسيت أنّ حزب الفضيلة خرج بتظاهرة كبرى في البصرة من أجل نساء البحرين؟.
بالأمس خرجت تظاهرة في البصرة لم تدعمها أحزاب الأخلاق الحميدة لأنها لا تطالب بدولة الفضيلة، وإنما دولة العدالة الاجتماعية، ولم يكن أمام المسؤولين المنشغلين بالصفقات التجارية وتسهيل دخول المخدرات سوى إطلاق الرصاص على المتظاهرين.. وللذكرى فقط: هناك نحو مئات المتظاهرين أُطلق عليهم الرصاص الحي، لأنهم هتفوا مطالبين بتوفير الكهرباء،و لكي لا ننسى: الدكتور حسين الشهرستاني بشّر العراقيين من قبل بأن"العراق سيصدّر الفائض من الكهرباء إلى دول الجوار"، بعدها اكتشفنا أن سبب حرمان العراق من أموال تصدير الكهرباء هو المواطن"البطران"الذي لايعجبه الاستحمام من دون سبلت في الحمام، مثلما أخبرنا رئيس الوزراء عن أسباب أزمة الكهرباء.
مواطنون يواجهون بالرصاص،لأنهم تجاسروا وتظاهروا، وبالمقابل هناك احزاب تريد"تأديب"الشعب، لأنه مصرّ على سماع الأغاني في الأعياد!.
حكومة وأحزاب مؤمنة ورجال دين يصرّون على رمي الفقراء خارج اهتماماتهم، بدليل أن لا أحد سأل نفسه لماذا يعيش المواطن العراقي من دون كهرباء ولا خدمات، بينما تتوافر الخدمات لجميع السياسين والمسؤولين وقادة الأحزاب وكبار رجال الدين. لماذا يتبجح الجميع بقربهم من الامام"ع"وهو الذي لم يجد بالسلطة حقاً استثنائياً في المال والأرض والخدمات، فساوى نفسه مع الجميع، ورفض أن يتمتع بالسلطان. إنه العدل الشامل. فرجل الدين الحق والمسؤول الصادق لا يرضى أن يسكن القصور وينام على المكيفات، فيما رعيّته لا يعرفون شيئاً اسمه الكهرباء.