عدوية الهلالي
لفتت نظري عبارة وردت في تقرير أوردته صحيفة الاندبندت البريطانية عن العراق قالت فيه : إن العراقيين يختلفون في كل شيء إلا في العيش تحت رحمة نظام إداري فاسد " ..ربما يتوقع البريطانيون إن بامكان العراقيين أن يثوروا على الأنظمة التي جعلت العراق ينهار سريعاً ويتحول الى بلد يتسول القروض ورضى الدول الكبرى والمجاورة ..إنهم اذن لايفهمون نفسية الفرد العراقي الذي أصبح ليناً رخواً من شدة الطرق على جمجمته من مختلف الحكومات التي تعاقبت على تدجينه خاصة بعد أن نجحت في نخر وحدته وتلاحمه حتى غدا هشاً لايصمد بوجه أي طارئ جديد ، فهنالك من استخدم معه سياسة الخوف لتدجينه وهنالك من استخدم سياسة الطائفية لتفتيت توحده ، ثم جاء من استخدم سياسة التجويع لإذلاله ، عدا بضعة توابل أخرى كالارهاب وخوض حروب متعاقبة والحصار وما الى ذلك ، وكانت النتيجة إنه وبدلاً من أن يخرج في جموع هادرة للمطالبة باسقاط الحكومات ، بدأت الجموع الهادرة تخرج للهتاف بأسم قائد ضرورة لاغنى عنه ، ثم تهتف بعد فترة فرحاً بسقوطه وبقدوم من سيخرج العراقيين من قمقم الخوف الى سماء الحرية والديمقراطية ..وتعاقبت السنون ، وصار الجموع تلتف حول أكثر من قائد لتهتف لهم ، والطريف في الأمر ، إن كل قائد منهم ينتشي بسماع عبارة ( علي وياك علي) من جمهوره وكأنه سيخلصهم من واقعهم المزري ، والأطرف من ذلك إن تلك الجموع التي هتفت للديكتاتور ( بالروح بالدم... ) على الرغم من إدراكها التام لمدى ظلمه وجبروته ، مازالت تهتف لغيره وهي تدرك في أعماقها مدى فساده وعمالته ولامبالاته بحاضرالعراقيين ومستقبلهم ..لماذا الهتاف إذن في كل مرة ..في الماضي كان هنالك من لايخرج للهتاف للطاغية أو يعارض ظلمه ويكتفي بالصمت على أقل تقدير ، واليوم ، انكشفت كل أوراق السياسيين ولم يعد خافياً على الشعب تاريخهم ونواياهم ودلت على ذلك أفعالهم منذ أن تسلموا الحكم ، فلماذا يمنحهم البعض شرف أن يكون الامام علي( ع) معهم وهو الذي لم يساند الظلم او الباطل يوما ..
لاأنوي هنا أن أنكر محاولات العديد من العراقيين لرفض هذا الواقع والانتفاضة على مرارته ، فهنالك من يخرج للمطالبة بتحسين الخدمات ورفض الفساد ومظاهر أخرى كثيرة أسهمت في تدمير البلد ، لكن المؤلم في الأمر إن هنالك أيضاً من يلتف حول نفس الوجوه التي أسهمت في تدمير البلد ويهتف لها مجدداً ، بل وينتظر أن ينبثق عنها بعد جولات التحالفات المضحكة قائدأ جديداً له نفس الملامح ونفس التاريخ والنوايا لتعود فتهتف له من جديد ( علي وياك علي ) عسى أن يكون أفضل ممن سبقه ..الى متى سنظل نهتف للقادمين ليمعنوا أكثر في تدجيننا لدرجة أن نرى باطلهم حقا وظلمهم عدلاً ..والى متى ستظل معضلة تزوير الانتخابات مستمرة وتشكيل الحكومة بعيداً ؟..ألا يدركون إننا نذوب – ليس من الحر الشديد فحسب – بل من اللهفة لمعرفة القادم الجديد لنرى إن كان يستحق هتاف ( علي وياك علي ) غير اننا نأمل ألا يتسرعوا في الهتاف له وان يدركوا إن الامام علي (ع) لن يكون مع الظلم أو الباطل يوماً..