adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
بالضبط وبالتمام، الأمر هو كما قال رئيس الوزراء حيدر العبادي في آخر بياناته، وما أكثر بياناته وتصريحاته وما أقلّ أفعاله لتحقيق ما يقول. آخر بيانات السيد العبادي كان لمناسبة الذكرى السنوية الأولى (أمس) لتحرير مدينة الموصل التي كادت أن تُصبح بكاملها أثراً بعد عين، ولم يزل عشرات الآلاف من سكانها يعيشون في محنة شديدة، كما لو أنهم لم يتخلّصوا بعدُ من احتلال داعش وعواقبه الوخيمة، وهم لم يكونوا مسؤولين عنه ولو بمقدار ذرة غبار، إنّما الحكومة والطبقة السياسية المتنفّذة تتحمّلان كامل المسؤولية السياسية والأخلاقية والجنائية عن كلّ ما جرى في الموصل وفي سواها، وقبلها وبعدها في سائر مدن العراق ومناطقه، بسبب النقص الفادح في الوطنية والصراع الضاري على المال والنفوذ لدى مَنْ أُسنِدت إليهم مسؤولية إدارة الدولة.
في بيانه قال العبادي: "نستذكر الیوم بكل فخر واعتزاز الذكرى الأولى لتحریر الموصل العزیزة، تلك الملحمة الخالدة التي أثلجت صدور شعبنا وقصمت ظهر داعش الإرهابي الذي استباح الموصل في غفلة من الزمن".
نعم بالضبط، نحن العراقيون استذكرنا في هذا اليوم بكل الفخر والاعتزاز تحرير الموصل من الإرهاب، لكنّنا استذكرنا أيضاً في الوقت نفسه – وهذا ما لم يقله السيد العبادي ولن يقوله ولو بعد عشر سنين – أن المسؤولين عن جريمة تسليم الموصل وسواها الى داعش والكارثة الوطنية المترتّبة عليها بقوا جميعاً من دون مساءلة ومحاسبة وعقاب. هم مازالوا طلقاء لا يخشون شيئاً أو أحداً، وبعضهم ما انفكّ يمارس السلطة في أعلى مراتبها المدنية والعسكرية والأمنية، ولا أحد يقول له: على عينك حاجب ..!
وما لم يقله العبادي أيضاً، ولن يقوله ولن يفعله حتى لو حصل، في غفلة من الزمن أو في صحوة منه، على الولاية الثانية، إنه ليس في وارد أن يُنجز الوعد الذي قطعه على نفسه وتعهّد به علناً مرّات عدة، بشنّ حرب على الفاسدين إدارياً ومالياً شبيهة بالحرب ضد داعش، تأسيساً واقع على أن الفساد الإداري والمالي كان في مقدّم الأسباب الكامنة وراء وقوع الكارثة، فبعد مرور سنة كاملة على تحرير الموصل لم يُطلق السيد العبادي إطلاقة واحدة على الفساد، ولن يُطلق، وهذا ما كان مثلاً، من جملة ما دفع رئيس هيئة النزاهة السابق إلى الاستقالة من منصبه والإصرار على الاستقالة حتى تمكّن منها أخيراً، لأنه مثلنا جميعاً كان يسمع من العبادي بشأن مكافحة الفساد جعجعة ولا يرى طحناً.