علي حسين
أصبحت أشهر الحكايات في تاريخ البشرية، لا نعرف كم مؤلفاً كُتب عنها،إذ بين اليوم والغد تضاف إليها دفعة جديدة من الدراسات التي تريد أن تحلل أسطورة سمّيت ألف ليلة وليلة.
من كتبها، كيف جمعت، لماذا هي ألف ليلة وليست تسع مئة؟ أسئلة شغلت الباحثين، فمنهم من اعتقد أن أصلها ليس عربياً، وكان صاحب هذا الرأي المصري حسين فوزي في كتابه (حديث السندباد القديم)، فيما انتهت سهير القلماوي إلى أن الليالي نصفها عراقي والآخر مصري، وظلّ عدد هذه الحكايات ألفاً وواحدة بالتمام والكمال، حتى ظهر العلّامة العراقي محسن مهدي ليقول لنا إننا عشنا مع ألف حكاية من الخيال، وإن السيدة شهرزاد لم تسهر مع شهريار سوى 282 ليلة فقط لاغير، لكنّ المفاجأة الأهم التي فجّرها المرحوم مهدي، وهو يقدم نسخته المحققة من الليالي، هي أنّ علي بابا ومعه الحرامية"الأربعون"، وعلاء الدين ومصباحه السحري لم يتنزّهوا في شوارع بغداد، من أين جاءوا إذن؟ وهل يعقل أن هذه البلاد التي انتشر فيها مئات علي بابا هذه الأيام، لم تكن هي الراعي الرسمي لهذه الماركة من السرّاق خفيفي اليد والظل، من أمثال أيهم السامرائي وفلاح السوداني وصاحب المصباح"النووي"حسين الشهرستاني الذي أخبرنا قبل عشر سنوات بالتمام والكمال أننا سنصدِّر الكهرباء للصين، وبما أننا نتحدث عن الوهم فلا حديث لصفحات التواصل الاجتماعي في بلاد الرافدين هذه الايام سوى أخبار"نبيّ الكرخ"الذي اتضح أنه لم يكن بوعيه، فكان لابد أن تُسجِّل وزارة الداخلية انتصاراً أمنياً بالقبض عليه وعرضه على جمهور الفيسبوك"مدغدغاً"، وكنت أتمنى لو أن الوزارة الموقرة عرضت لنا بالصوت والصورة صورة الشخص الذي تسبب في تفجير كدس العتاد في مدينة الصدر. أو أن نشاهد"أنبياء"التغيير الذين بشرونا بانهار من العسل وبلاد تضاهي اليابان وتتفوق على المانيا وهم وراء القضبان بتهمة سرقة وطن بأكملة.
ياعزيزي المرحوم محسن مهدي كان من المحتمل أن يبقى"علي بابا"رمزاً لتراث من الخديعة وسرقة أحلام الناس لو لم يظهر لنا اصحاب التقوى، ياسيدي كنا نأمل أن نجد مصباح علاء الدين في"أدْراج مكاتب"ساسة التغيير، فوجدنا بدلاً منه ثياباً وبدلات لأكثر من أربعين ألف حرامي، لن تستطيع شهرزاد أن تروي حكاياتهم ولا بمليون ليلة وليلة.