سامي عبد الحميد
يتشدق بعض المسرحيين العرب والعراقيين هذه الأيام بمصطلح (الجماليات والجمالية) وكثيراً ما يتصدر هذا المصطلح عناوين بحوث الماجستير والدكتوراه في كليات الفنون الجميلة وأرى أن في ذلك مصادرة للمطلوب لأن الفن المسرحي يضم بين طياته جميع الفنون الجميلة الستة الشعر والرسم والنحت والموسيقى والرقص والعمارة، مضافاً إليها (السينما) فناً سابعاً. إذن لا حاجة بنا إلى إضافة كلمة (جماليات) إلى بحوث الفن المسرحي .
هذا يدفعنا إلى الاجابة عن السؤال: لماذا سميت تلك الفنون بالجميلة وما هو الجمال ومتى وكيف يكون الشيء جميلاً؟ الجمال في نظري، هو العنصر الذي يجذب السمع والبصر ويحرك الفكر ويثير مشاعر المتلقي ويستفز مخيلته ويدعو إلى الاكتشاف وهو العنصر الكامن في الطبيعة وفي الحياة ولكنه لا يثيرنا إلا بعد يلتقطه الفنان ويعيد تنظيم ما فيه من أجزاء لاعتقاده بأنه بذلك سوف يدهش المتلقي ويبهجه ويكتشف شيئاً لم يألفه.
ينصب الجمال على المظهر أي الشكل لأنه هو الذي يواجه المتلقي ويرنو لسمعه وبصره ويكتمل تأثيره حين يعبر ذلك الشكل أو المظهر عن معنى معين وهو الجوهر. ويتحول المؤثر الحسي الى الانفعال العاطفي.
وهنا أرجع إلى فلسفة (كانت) وطروحاته عن الجميل والجليل في الفن، حيث يشير إلى أن الجميل يسهم في تحضيرنا لأن نحب الأشياء ونحب الطبيعة نفسها، بينما يساعدنا الجليل في تقييم أعلى للأشياء ويتعارض مع ميولنا الحسية. وهكذا أعتقد بأن الجميل يتمثل بشكل العمل الفني أما الجليل فيتمثل في مضمون ذلك العمل ومعناه ويتحقق الأبداع في حالة انسجام المضمون مع الشكل.
في الفن المسرحي يتمثل الجمال أولاً في شكل النص المسرحي وبلاغة لغته وما يفرزه من معانٍ ودلالات عبر الشخوص والأحداث وفي كيفية تصاعد الصراع الدرامي المنعكس كما هو موجود في الحياة ويخلق المتابعة والتشوق لدى المتفرجين تعبيراً عن واقع الإنسان ومعاناته وتطلعه نحو الأفضل .
يتبع