طالب عبد العزيز
نحن، محكومون بطبقة سياسية عميلة وغبية في آن، كل شرفها أنها كانت عميلة، لأميركا ولإيران، لا أكثر. إذ قبل أن تتمكن أميركا من تحديد أسماء وأشكال عملائها، كانت إيران قد حسمت أمرها مع عملائها، وعلى مدار الـ 15 سنة الماضية، لم تنتج العملية السياسية سوى مجموعة من العملاء والأغبياء، ولكي نفرق بين الفئة هذه وتلك نقول: العملاء واضحون، معلومون، تم إعدادهم بشكل مسبق وعملي، لذا فهم يشكلون رؤساء الكتل والطاقم الأول في قيادات الأحزاب، الذين ما زالت أسرهم في أميركا وأوروبا وإيران والأردن، أما الأغبياء، فهم التابعون لهؤلاء، وهم الغالبية بالتأكيد، إذ يمكننا إدراج غالبية أعضاء مجالس المحافظات والمجالس البلدية وكذلك الذين يديرون شؤون الأحزاب الدينية في المحافظات وسواهم ضمن التصنيف هذا.
ومعلوم أنَّ العميل واعٍ لما يقوم به ولا يخرج عن طاعة سيده، أما الغبي فهو الذي لا يقرأ التاريخ ولا يفهم به، وبهذه المتوالية تم انتقال العراق من الدكتاتورية الى الفوضى. وحتى اللحظة هذه، يظنُّ هؤلاء انَّ تعمية الحكم بواسطة الدين والطائفة ستؤمن لهم استمرارهم. وأنَّ حكم البلاد بالطريقة هذه ضامن لبقائهم، فصُرفت الأموال الطائلة في مشاريع فاشلة، وضاعت القدرات الإنسانية عند الشباب بخاصة في خصومات لا أول لها ولا آخر، واعتقدوا ان التنابز بالطائفة والمفاخرة بالقرب من آل البيت والصحابة واستعراض المهارات اللغوية-الفقهية كفيل بأشغال جمهور العامة والخاصة عنهم، بما يعود بالنفع عليهم.
واضح إن الجماهير التي انطلقت شرارة غضبها من جنوبي العراق(أبو الخصيب) لم يكن لها زعامة ما، لم تقبل برجل الدين ولا شيخ العشيرة قائداً، في موقف واضح من بطلانهما معاً، وفي يأس أكيد من أن أي من هؤلاء لن يكون مصدر ثقة من نجاح أي ممارسة مضادة لأداء الحكومة، إذ أنهم(رجل الدين وشيخ العشيرة) متورطون بالخراب، ويشكلون جزءاً فاعلا فيه، ولم يقوموا بأي أداء حقيقي في ملاحقة الفساد إن لم يكونوا العاملين على إدامته والركن الأساس في ما وصلت اليه أحوال الناس من رداءة، وبذلك تشتق التظاهرات التي تجتاح وسط وجنوبي العراق من نفسها قيادة لها، ولسنا في معرض النجاح او الإخفاق، لكننا نسجل درجة اليأس التي بلغها الشعب في تعامله مع العنصرين آنفي الذكر.
كان كارل ماركس يقول في تحيته لكومونة باريس (1871ميلادية):" سلاماً للأبطال الذين هبوا لاقتحام السماء بقبضاتهم العارية" ومن يشاهد جموع المتظاهرين من الشباب اليائس والمحبط والغاضب أيضاً، بسبب السياسة التعسفية للحكومات المتعاقبة سيتوقع خروجهم بالأسلحة، لكنهم، وبوعي بسيط أدركوا إن الأسلحة ستجلب الأسلحة، وهم باحثون عن لقمة عيش كريمة ووظيفة محترمة حسب، وهم ينشدون التغيير الكامل في إدارة الدولة، وهذا وعي حقيقي ما عادوا معه بحاجة الى رجل بعمة بيضاء أو سوداء ولشيخ بدشداشة ويشماغ وعقال لقيادتهم، فقد كانت التجربة قاسية لديهم مع هذين الصنفين..
شخصياً، ما جلست مع أحد من قيادات الأحزاب الدينية، التي تحكم العراق اليوم، إلا ووجدتني نادماً، يائساً، محبطأً منه، فهم خارج الزمن، وبعيدون كل البعد عن مهمة قيادة البلاد، هؤلاء، ومن خلال تجربة شخصية وعامة استمرؤوا العمالة، صارت نسيج أرواحهم. أما معيتهم فهم طبقة الاغبياء بلا منازع، الذين لم يفقهوا بعد ماذا يعني أن تكون مسؤولا في الدولة. لذا عليهم أن يجنوا ما زرعوه بعمالتهم وغبائهم.