علي حسين
ما فعله السيد حيدر العبادي ومعه مجموعة مستشارين"جهابذة"خلال الأيام الماضية،هو عملية إجهاز بشكل كامل على مفهوم حقوق الشعب في دساتير الأمم، والسعي لتحويل المواطن الى مجرد كائن"لايرى..لايسمع.. لايتكلم"، كائن منتهى حلمه الحصول على ساعة من الإنترنت وانتظار أن يسمح سيادة رئيس الوزراء بأن تتجول الناس داخل صفحات الفيسبوك، وقبل هذا وبعده الحصول على الحلم الأكبر ساعة من الكهرباء.
هنا تصبح شعارات مثل الحرية والديمقراطية والتغيير وحقوق الإنسان، مجرد مفردات تلاحق من يرددها وتنعته بالمخرِّب، إن لم تصلق به العبارة الشهيرة"أجندات أجنبية"، في ذلك تصلح مأساة 8 شباب قُتلوا بدم بارد لأنهم تظاهروا من أجل المطالبة بأبسط حقوق الإنسان، من حياة كريمة وخدمات أسوة بما تتمتع به المنطقة الخضراء ومنازل المسؤولين ورجال الدين وأصحاب"الخطوط الحمر"، ولا أريد أن أضيف 56 مصاباً سبعة منهم يعانون من حالات خطرة، نموذجاً واضحاً على أنّ الإنسان العراقي مجرّد رقم يُستخدم أحياناً في الانتخابات، وأحياناً كثيرة ينقل إلى سجل الموتى.
كان من السهل على هؤلاء الشباب أن ينضمّوا إلى إحدى الميليشيات، أو يصبحوا كوادر في حزب الدعوة، أو يقرروا الهجرة وترك البلاد لسلالة حسين الشهرستاني، لكنهم مثل كثيرين دفعهم حب الوطن إلى الدفاع عن حلم الناس بالعدالة الاجتماعية، والسعي لبناء العراق كدولة للحرية والكرامة الإنسانية والديمقراطية، وتظاهروا واحتجّوا ليكون مصيرهم جُثثاً في الطب العدلي، ومصابين في المستشفيات ينتظرهم العقاب القاسي، وحصص وافرة من الرصاص الحيّ والهراوات.
لم يكن لدى هؤلاء الشباب حصانة من زعيم حزب"مؤمن"تجعل القوات الأمنية تخشى الاقتراب منهم، ولم يكلف حزب من الذين صدّعوا رؤوسنا بخطابات الإصلاح والتغيير ان يصدر بيانا يطالب فيه بإجراء تحقيق فوري لمثل هذه الانتهاكات الخطيرة.
والعجيب والغريب أنه من أجل حماية العملية السياسية العرجاء وفي سبيل حماية أصنام العهد الجديد، استباحت الحكومة ومعها خبراؤها الأشاوس كل شيء، فبعد قتل شباب التظاهرات وتخوينهم، جاء الدور بالتصدّي للسيد فيسبوك ومعاونيه،لأنهم كشفوا زيف الحكومة ومعها النظام السياسي لان السيد العبادي انتابته حالة الرعب، من أنّ الفيسبوك ينقل بالصوت والصورة انتهاكات القوات الأمنية، ومن ثم لابد من تعطيله، أو التشويش عليه.وهذا أحدث إنجاز في سجلّ إنجازات حكومة العبادي.