علي حسين
الآن بإمكان العراقيين أن يكتشفوا الوجه الآخر لرئيس وزرائهم المنتهية صلاحيته حيدر العبادي ، فبعد أربع سنوات من جلوس العبادي مبتسماً على كرسي رئاسة الوزراء ، وبعد أكثر من 250 خطاباً تلفزيونياً عن الإصلاح والمواطنة والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد ، نشاهده هذه الأيام " متجهّم الوجه " ومقربوه يؤكدون أن العراق لا يصلح معه إلا رئيس وزراء يضرب المتظاهرين بالرصاص الحي ، ويسحلهم بالشوارع ، ويرسل إليهم مدرعات سوات لسحقهم ، لأنهم تجاوزوا الإشارة الحمراء في طريق الديمقراطية " العبادية " ، لم يطق رئيس الوزراء أن يسمع البعض يشكك بنزاهة حكومته فخرج يصرخ :" إنّ المتظاهرين يريدون تخريب البلاد "
الغريب أن الذين يصلون الليل بالنهار بحثاً وتحليلاً لظاهرة تظاهرات مدن الجنوب وينتهون إلى أنها تمثل خطراً محدقا باستقرار البلاد، هم أنفسهم الذين حاولوا إظهار تظاهرات البحرين باعتبارها صحوة شعبية ضد أنظمة فاسدة.
من المهم الانتباه إلى أن البعض من ساستنا الكرام مصاب بنوع من " فوبيا التظاهرات " العراقية حصراً ، تجعلهم كلما ذكر اسم ساحة التحرير يستغرقون في نوبة من الهرش وحكّ الجلد بعنف حتى تسيل منه شتائم وصرخات من العيار الثقيل .
تصريحات حيدر العبادي الأخيرة عن التظاهرات لا تختلف بالتأكيد عن تصريحات من قبل من السيد نوري المالكي وهي بالتأكيد أحد أهم مسببات الهمّ والغمّ التي ترافقنا كل يوم .
منذ أن انطلقت احتجاجات البصرة ، ورئيس الوزراء ومعه " مستشاريه " يخرجون كل ساعة وهم يحذرون العراقيين من خطر جديد اسمه "التظاهرات " وكيف أن أصحابها يريدون أن يهددوا الحياة الهانئة التي تعيشها مدن بغداد والبصرة وميسان والحلة ، وقرأنا سيلاً من البيانات والشتائم تطالب بتطهير العراق من هذه الزمر المتآمرة على مستقبل البلاد، وسعى البعض إلى إيهام الناس بأن المشكلة ليست في أرتال الفاسدين الذين يعشّشون في معظم مؤسسات الدولة، ولا في غياب أبسط شروط العيش، ولا في البطالة وازدياد معدل الفقراء، ولا في فوضى التعليم، ولا في جيوش الأيتام والأرامل الذين يعيشون على هامش الحياة، وإنما في أعداء النجاح المتربصين للانقضاض على المكاسب التي حققتها حكومة العبادي .
منتهى البؤس ألّا يكون في العراق من يصلح مرشحاً لمنصب رئيس الوزراء ، إلا من أحزاب الخراب والفساد ، ويطلب من الشعب ألّا يعترض على هذا الاختيار، و ألّا فان ترويض الشعب هو الهدف.