TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: ستذهبون ويبقى جبّار الكرم

العمود الثامن: ستذهبون ويبقى جبّار الكرم

نشر في: 23 يوليو, 2018: 08:40 م

 علي حسين

ما جرى في ساحة التحرير وفي البصرة والنجف والمثنى والديوانية وميسان، لم يكن اشتباكاً عفوياً بين مجموعة من المتظاهرين من جانب، ورجال الأمن من جانب آخر.
لم يكن حادثاً عابراً، وإنما كان سيناريو محكماً للغاية، أرادت به حكومة العبادي أن توجّه عدّة رسائل إلى من يهمه الأمر.. وعلى طريقة عمليات القتل الغامضة التي تقع هنا وهناك مع كلّ حديث عن محاسبة الفاسدين، جاء حادث اغتيال المحامي البصراوي"جبار الكرم"الذي أعلن قبل ايام تطوّعه للدفاع عن المتظاهرين المعتقلين، متزامنة مع مطالبات دولية بإطلاق سراح الشباب المعتقلين ووقف عمليات التعذيب التي تجري في سجون وزارة الداخلية.
لقد أراد العبادي ومن ورائه حزب الدعوة وأحزاب ترى في السلطة حقاً مشروعاً للنهب والقتل، أن يقولوا للمتظاهرين والداعمين لهم إنّ البديل سيكون مخيفاً، وذلك بأن قامت قوات"مكافحة الشعب"بتلقين المتظاهرين العزّل درساً قاسياً في الإهانة الجسدية والنفسية على نحو بلغ من الوحشية، ما يدفع المواطن العراقي أن يسأل : أين حارس الدستور فؤاد معصوم لينقذ شباب التظاهرات من براثن"شقاوات"العبادي؟
إذا كان العراقيون قد قدّموا آلاف الشهداء فداء لهذا الوطن في قتالهم ضدّ عصابات داعش، وإذا كان هذا الشعب قد قدّم خيرة شبابه خلال العقود الماضية في سبيل الخلاص من دكتاتورية"القائد المؤمن ووصاياه"يجد اليوم من يريد أن يفرّخ دكتاتوريات جديدة، وأن مسؤولين جاءوا على ظهور دبابات الديمقراطية يصابون اليوم بحالة من الدروشة كلما سمعوا كلمة دولة مدنيّة.
إنّ مايجري اليوم يؤكد أنّ أشياء كثيرة لم تتغيّر، وأن هناك من لا يريد أن يتعلّم، بدليل جريمة مقتل جبار كرم، وهي تكرار لجريمة مقتل هادي المهدي وإن اختلفت التفاصيل والوجوه، فالذي حدث أنّ مواطناً عراقياً فقد حياته، لأنّ القانون جرى تغييبه وتجاوزه بمعرفة من هم مسؤولون عن تطبيق القانون والدفاع عنه.
من بغداد إلى البصرة المتهم واحد: الحكومة التي قررت أن تعلِّق المتظاهرين في مراوح السقف، وتطلق الرصاص الحيّ على القانون وتتصرّف منطلقة من إحساس متضخّم بالسلطة والنفوذ.
السيد العبادي.. إنّ الطريق لاستعادة هيبة الدولة يبدأ من احترام الدولة للقانون، وأن يكون العدل فوق البطش، ولهذا سيبقى جبار الكرم بابتسامته الرائعة وملامحه الشجاعة فى قلوب كل العراقيين، فيما ستسقط دولة الفشل والتعذيب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: صنع في العراق

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram