طالب عبد العزيز
حسم الشارع العراقي قضية العد والفرز، ولم يعد بحاجة الى تحريك الصناديق، وسواء أسرقت الأصوات أم لم تسرق، فقد تمت عملية العد اليدوي، في ساحات التظاهر، بعد أن قالت الجماهير كلمتها، وانتهى الأمر. وعلى الحكومة أن لا تنظر أبعد من ذلك، وتحتفظ بما ظل من ماء كرامتها في وجهها ، وإلا، فالايام القادمة ستكون حبلى بكل ما لا يرضيها، وسيأتي اليوم الذي لا تنفع معه الصبات ولا الكونكريت، التي أقامتها أمام المباني الحكومية، في المحافظات، وكل ما يتوجب عليه فعله هو حماية الدوائر والمؤسسات من غضب الناس التي بلغ بها الغضب حدَّ أنها ما عادت تفرّق بين ما ينفعها وينفع الحكومة، وفي جردة بسيطة يمكنننا القول بأن الادارة السيئة وسرقة المال العام والفشل في تحقيق أبسط متطلبات العيش، هي التي أوصلت الجماهير الى الحالة هذه.
ليس هناك من عاقل سيصدق بان الحكومة الحالية(حكومة تصريف الأعمال) ستكون قادرة على تنفيذ 1% من مطالب الجماهير، وما وعدت به في البصرة أبلغ من أن يشار اليه كمثال، وما طالعتنا من صور لعدد المتقدمين على الـ 10 آلاف وظيفة سيعلمنا بان لا أحد سيحصل على واحدة منها، ذلك لأن الفايلات والصوروالتواقيع ستجد طريقها سلال النفايات، أو الى الحدائق المهجورة، في المباني الحكومية، أما الحديث عن تحسن الكهرباء ووصول الماء العذب للبيوت فهذه من الطرائف التي يتسلى بها الناس في لحظات يأسهم. وما أسطول صهاريج الوقود، الذي دخل البصرة من منفذ سفوان، إلا (طيحان الحظ) بعينه. الآن علينا تذكر ما كان يقول به وزير النفط الحالي، قبل استيزاره عن قدرته على بناء مصفى كبير في البصرة، يحل أزمة الوقود بالكامل، لا ندري لماذا لم يكرر الحديث بهذا السيد الوزير، وقد مضت الشهور على وجوده في الوزارة؟ هو المشهود له بالاعمال النفطية الرائدة، لا ندري لعل خيمة المجلس الأعلى أو خيمة الدعوة حددت من نشاطه، وأنشغل بما أبعده عن المشاريع الكثيرة، التي وعد بها قبل أن يجد طريقه الى كرسي الوزارة.
في أكثر من مقال لنا قلنا بان قضية خراب البلاد لا تتعلق بالشخوص والاسماء، فهذا محافظ البصرة (أسعد العيداني)الذي فرح به البصريون محافظا جديداً، بصرياً، خالصاً بعد زوال حكم ماجد النصراوي ، ترى ما الذي فعله؟ أين ما أنجزه،؟ مع يقيننا بانه غير قادر على تحريك طابوقة من أمام مقر حزب مسلح. كل حديث عن التطور ودخول الشركات الاجنبية والنهوض بواقع العراق، محض هراء، مالم تمسك الدولة (الوطنية) بقبضة الأمن أولاً، لكن ، كيف تمسك بها؟ وهي غير قادرة على نزع سلاح فصيل مسلح واحد، في المدينة التي امتلأت بالعشرات منها، في المدينة التي بامكان أي حامل لمسدس ان يقتل أي اعزل !!! .في البلاد التي يعتقد كل حزب فيها أن بقاءه في السلطة، إنما يكمن في عدد البنادق التي يملكها أفراده، لا في الاعمال والخدمات التي يقدمها، لذا .
فالخطوة الأولى التي يتوجب على الحكومة اتخاذها هي نزع أسلحة الفصائل والعشائر المسلحة، لكي يمكنها ذلك من دعوة الشركات الاجنبية للعمل في العراق، وهي خطوة مستبعدة في الوقت الحاضر، ذلك لاستحالة قيام الحكومة بمواجهة نفسها بنفسها، إذ انها ما زالت تسير بمشيئة الفصائل هذه .