علاء المفرجي
ازدهر الفن السابع بفضل عدد من رجالاته الحالمين الذين وضعوا لبنة في هذا الفن، وأصبح بفضلهم الفن الأحدث، وكان عدد من المخرجين في طليعة هؤلاء.
أحدهم قدّم لغة سينمائية جديدة في التكنيك ومكتملة في تكوينها لأفضل عناصر السينما الصامتة والناطقة، إنه أورسن ويلز المرتبط اسمه بواحد من أعظم انجازات السينما على الاطلاق ذلك هو فيلم (المواطن كين) الفيلم الذي لم تخطئه أية قائمة استفتاء لأفضل فيلم أو عدة أفلام في تاريخ السينما ومثلما ناصبته هوليوود القطيعة بسبب تمرده على سطوتها التي غالباً ما مارستها على البعض في عمالقة السينما ، ولم تلتفت الى تكريمه بالشكل الذي يليق كأحد أهم المجددين في الفن السابع وهو ما يجعل تكريمه من قبل مهرجانات السينما حدثاً يكتسب فيه المهرجان أهمية مضافة.
إبداع أورسن ويلز يشير الى أن السينما الحديثة تدين له بأكثر مما تدين الى أي مخرج آخر، فهذا المجدد لجميع الأساليب السينمائية والإضافات الجمالية التي أدخلت تحولاً كبيراً على الطريقة التقليدية في التعبير.
ولعل عظمة ويلز تتجلى في خضم حاجته المتعاظمة للاستغلال الذي أدى الى استبعاده من صناعة السينما الكبرى في هوليوود فقد قدّم أهم الروائع في المنجز السينمائي العالمي (آل امبرسون) و(الرائعون) و (سيدة من شنغهاي) و(المحاكمة) وغيرها .
وعلى الرغم من مرور أكثر من سبعة عقود على إخراجه لفيلم المواطن كين فإنه ما زال يحتل مكانة مهمة في تاريخ السينما لطريقته المتفردة في ذلك الوقت وثورية بنائه الروائي ابتداءً من السيناريو الذي أبدع في استخدام أسلوب (الفلاش باك) الذي أفاد الكثير من المخرجين فيما بعد إلا أن امتيازه الأهم كان في انجاز أحداث الفيلم بهذا الأسلوب المبتكر في حينه ولم يكن ذلك الملمح الوحيد من حيث الإضافة الجمالية في هذا الفيلم والذي منحته الخلود المرتجى، بل إن الفن في الاستخدام الدرامي المتطور للصوت وحتى طريقة الحديث التي استخدمها للمرة الأولى في السينما عندما جعل الممثلين يتحدثون في وقت واحد لإبراز أكثر من دلالة.
وتبقى الإضافة الأهم لويلز في هذا الفيلم هو براعته باستخدام أسلوب عمق المجال والذي تجلى في أشهر مشاهد عمق المجال في تاريخ السينما على الاطلاق، فضلاً عن استخدامه أسلوب اللقطة المشهدية الذي لم يكن الفيلم سوى مجموعة لقطات منها.
ولم يكن المواطن كين على أهميته، الأثر الرائع الوحيد في المسيرة الإبداعية لهذا المخرج الذي يجمع الكثير من النقاد على إنه أفضل من تعاطى مع أعمال شكسبير على كثرة معالجتها للسينما وهو ما جعل الكثير من مخرجي السينما ينهلون من فيض ابتكاراته وليس أقلهم عظمة هتشكوك وروبرت ألتمان وسكورسيزي وآخرين.
ومثلما أرعب أميركا كلها وجعل الناس تخرج من بيوتها مفزوعة من هجوم سكان المريخ وهو يقدم برنامجه الإذاعي، فانه قلب الكثير من التصورات والمفاهيم عن العمل السينمائي وهو يقدم روائعه لهذا الفن الذي حفظ له مكانةً لا يزاحمه فيها أحد.