TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: دموع الصياد

مجرد كلام: دموع الصياد

نشر في: 30 يوليو, 2018: 07:44 م

 عدوية الهلالي

يحكى أن صياداً اصطاد مجموعة من العصافير في يوم بارد ، ثم وضعها أمامه ، وصار يذبحها واحداً واحداً والباقي ينظر ويتفرج ...وكانت دموع الصياد الجزار تنزل من عينيه بسبب البرد القارس والريح الشديد ، فنظر عصفوران إليه والى دموعه فقال أحدهما للآخر : انظر الى الصياد المسكين كيف يبدو حزيناً على ذبحنا ..إنه يبكي شفقة علينا ورحمة بنا ! فقال له العصفور الآخر بفطنة وذكاء : " لاتنظر الى دموع عينيه ، ولكن انظر الى فعل يديه" ..
بعد اندلاع تظاهرات البصرة وبقية المحافظات وشعور الحكومة وقادة الأحزاب إن الأمر لايخلو من تهديد هذه المرّة إن لم يكن بازالتهم تماماً -فهذا أمر يشبه إزالة مادة لاصقة من فستان متهرئ لأنها قد تتسبب بتمزقه - فبعرقلة تشكيل الحكومة حسب أهوائهم ومزاجهم وبظهور قاعدة معارضة قد تتسع يوماً بعد آخر وقد يتم اختراقها من قوى لاقبل لهم بمواجهتها حالياً لذا لجأوا الى ردود فعل مثيرة للسخرية منها إيقاف شبكة الانترنت لمنع التواصل بين المواطنين وتقليص حجم النقمة الشعبية التي ربما تؤججها منشورات التواصل الاجتماعي فضلاً عن التواصل بين جهات الحراك وتطويره ، ومنها أيضا لجوء بعضهم الى الاعتذار للشعب العراقي عن تقصيرهم في خدمته وارضائه وتقديمهم وعود جديدة لتغيير سياستهم واحتواء الشعب وتنفيذ مطالب المتظاهرين ، وهم يدركون تماماً إن أبسط فرد عراقي بات يشبه ذلك العصفور النبيه الذي لم تخدعه دموع الصياد لأنه نظر الى ماتفعله يديه !! أليس مثيراً للسخرية أن ينتهي الأمر بمجرد اعتذار وكأن السنوات الفائتة لم تكن كافية ليعبروا عن سلامة نواياهم تجاه الشعب من خلال الاهتمام به وان صحوة متأخرة أصابتهم ليندموا عما اقترفوه بحق الشعب ويقرروا مراجعة أنفسهم والاعتذار عن أفعالهم .. نحن ندرك أن منصب رئيس الوزراء يغري بأكثر من ذلك ولاضير من التنازل للشعب والاعتذار منه مقابل الفوز به !!
بعد ذلك ، جاءت خطبة المرجعية الأخيرة لتطالب رئيس الوزراء المقبل أن يكون قادراً على ضرب الفاسدين وتوفير الخدمات ومحاربة الميليشيات والمسلحين وأن يحظى بصلاحيات أكبر لتنفيذ ذلك أو أن يقع تحت طائلة حساب الشعب بأسم الديمقراطية ، فهل سيكون رئيس الوزراء المقبل ساحراً يجترح المعجزات ليرضي شعبه ، وإنْ تمكن من ذلك فهل سيضرب الفاسدين في حزبه أومن يهدد وجوده أم سيجاملهم و(يداري خبزته) ويكتفي بسحب يد المقصرين في وزاراتهم كما فعل السيد العبادي ليذر الرماد في العيون ..
باختصار ، لن يبرأ الوطن ولن يزول الفساد لأنه متأصل في نفوس من يحلمون بالسلطة ، ولن تكفي الصلاحيات الواسعة لخدمة الشعب لأنها قد تستخدم في ضربه وسرقته فقط ..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram