د.بشرى البستاني rn(1)النص:في الظلمة بيتفي البيت غرفة في الغرفة وجه تدلى على صفحة في كتابْالبنادق محشوة يسألون النوافذ عن ضوئهاجاحظات عيونهمو
يقرؤون الأزقة بابا فبابوأنا الصفحات الحميمة تأخذنيموغل ، موغل في الغيابْ.. في الصباح تشبّث بي الجار مرتجفاًأنت ما كنت تفعل في الليل كانوا هنا!الجنود ! الجنود ريتهمو !حول بيتك كانت بنادقهم!كل من مر يسأل صاحبه ثم يصعدُينظر في النافذة ويغادرها،ثم يأتي لها آخرونَْ..المدينة غارقة في الظلام ْوضياؤك وحدك مشتعل ٌوقفوا خمسة ًخمسة وقفواما سمعت الذي كان يجري ولكنهموقفوا ينظرون إلى الضوء مشتعلاوالى الباب ، ثم إلى بعضهم بارتيابْكم بعيد أناrn كنت أقرا عن عالم آخر في كتاب. يمكن الإشارة بدءاً إلى أن التراسل بين انواع الفنون ليس بالفكرة الجديدة فقد بدأ النزوع نحو وحدة هذه الفنون قبل قرون يوم راح الفن يبحث عن تأطير أهم ممارساته بالشعر والتصوير ، وتحولت هذه النظرة في القرن الثامن عشر الى موضوع مستقل تحت مصطلح " علم الجمال " حيث دمجت تلك النظرية نظرية الأدب أولا ثم أدمجتها بنظرية عامة للفنون ، ومنهم من يعود بإرهاصات هذا الاتجاه الى أزمنة ابعد ، لكن هذه الدعوة لم تأخذ مكانها اللائق إلا على يد لسنج ( 1729 – 1781 ) وكانط ( 1724 – 1804 ) بوصفهما أول من بدأ في ممارسة هذا البحث الجمالي الذي عمل على تعميق نظرية وحدة الأعمال الفنية ( 2 ) التي شاع تأثيرها على المنجز الفني أدبا وتشكيلا ومنجزات مرئية .إن التطورات التي شهدتها الفنون عموما ولاسيما الفنون السينمائية بكل فروعها وتقنياتها لم تستطع أن تبعد الأدب والشعر بشكل خاص عن ميدان الحضور، فضلا عن أن فنون السينما والمسرح والتلفزيون ستظل مرتكزة على الأدب في اعتماد رواياته وقصصه ومسرحياته وحقول شعريته من اجل إنجاز هدفها، لذلك كان السيناريو والمونتاج والإخراج وتقنيات الضوء والظل من الفنون المهمة التي مثلت الوسائط الفنية في عملها على تهيئة النص الأدبي ليكون بؤرة هذا الفن الجديد. إن رسوخ الشعر وسمة الانفتاح التي اتسم بها، وإيقاع العصر الحديث العاصف المتداخل وتراسل الأجناس في الأدب والفنون وتوافدها على بعض ، كل ذلك جعل استقبال الشعر للفنون الأخرى واحتواءه لها أمرا طبيعيا عززته قدرة الشعر على الاحتواء والهيمنة ، بحيث يصير الفن الوافد نبضا حميما في صميم القصيدة الجديدة ، على أن انفتاح الشعر على الفنون الأخرى ليس بالأمر الحديث، فالموسيقى والسرد والحوار والفن التشكيلي والسيناريو والضوء والظل ، كل ذلك كان موجودا في الشعر لأنه فن التصوير باللغة والموسيقى، ولانه فن الحياة الاول الذي عبر عن دواخل إنسانها اصدق تعبير، لكن الذي حدث ان تطور هذه الفنون وانفتاحها على تقنيات عصرية كان لا بد له من التأثير على الشعر حين يفد إليه لكن بتوازن مدهش وانسجام لا يلغي خصوصية الوافد بل يمتص منه الرحيق لاغناء روح الفن الأصلي ، فاستخدام وسيلة سينمائية في الأدب المكتوب مثلا يؤدي في اغلب الأحيان إلى نتائج مختلفة، فاللقطات التي تعود بنا إلى الوراء كثيرا ما تستخدم في الأدب بوصفها عنصرا من الماضي، لكن تحقيق هذا الأمر في الفلم أمر فيه صعوبة كما يقول بيلا بالاز، فالصور المتحركة ليس لها صيغة زمنية، وهذا يعني أنها دائما في حالة المضارع، يقول روب غرييه : السمة الجوهرية للصورة هي أنها في الحاضر، أما الأدب فله نظام كامل للصيغ الزمنية، فالذي نراه على الشاشة شئ في حالة الحدوث لان الذي يقدم لنا هو ما يحدث وليس الحديث عما حدث.. إن انفتاح الفنين الأدب والسينما على بعضهما أمر مهم أفاد في معالجة الفرق الشائع الذي يقول إن السينما فن مكاني في جوهره بينما الأدب فن زماني محض..(3)إن تأثير القصيدة على الفلم أمر يؤكده فنانو السينما أنفسهم، يقول فردريكو فليني ، إني أحاول أن أحرر عملي من بعض القيود كحدود القصة التي لها بداية ونهاية إذ ينبغي ان يكون الفلم كالقصيدة له بحر وإيقاع، كما طالب باسوليني بسينما شعرية لا سينما نثرية، فضلا عن أن كثيرا من الروائيين،المعاصرين قد تعمدوا الاقتراب من خصائص الشعر وأساليبه أمثال جويس وفوكتو وبروست وغيرهم (4) ، إن ذلك التراسل الفني يسهل البحث في اثر الفن السينمائي على الشعر من حيث إفادته من التقنيات والحركة والتكثيف في الأداء بالصورة والسرد بواسطة اللقطات والمشاهد ، مادام الشعر قادراً على ضم الفنون الوافدة ودمجها في مشروعه الإبداعي .إن قصيدة اللقطات هي قصيدة تعتمد في إثراء شعريتها على حساسية الكامرا الشعرية بمخيلة مبدع يحسن الإفادة من تقنيات الفن الذي يراه ملائما للتعبير عن تجربته ، وقد كانت هذه الكامرا وسيلة الشاعر في هذه القصيدة وهو ينتقي الصور ويتقن توظيف المونتاج الذي لا يمكن للكامرا الفنية أن تشتغل بدونه لانه الفن الذي يُحكم توزيع اللقطات قطعا ووصلا وهو
شعرية السرد بالكاميرا ..قراءة في قصيدة ياسين طه حافظ (( عالم آخر.. ))
نشر في: 21 إبريل, 2010: 04:32 م