TOP

جريدة المدى > غير مصنف > ياسين طه حافظ..شاعر مثقل بالخوف يخشى اضطراب الكلام

ياسين طه حافظ..شاعر مثقل بالخوف يخشى اضطراب الكلام

نشر في: 21 إبريل, 2010: 04:35 م

. قيس كاظم الجنابيــ 1 ــ بعد احدى عشرة مجموعة اصدر الشاعر العراقي المعروف ياسين طه حافظ مجموعته الشعرية الجديدة اواخر العام الماضي (جنة الزاغ) وهو شاعر من جيل الستينيات في العراق له ملامح خاصة في توظيف الشعر تستشرف المستقبل وتستوحي روح الماضي عبر رؤية مستقبلية،
د بعد سنوات من الرحيل والغربة وبحث جمد منذ صدرت له آخر مجموعة شعرية (في الخرائب حلية ذهب) عام 1993 فهذه المجموعة بالتالي نتاج السنوات العجاف المنصرمة بعد نضج التجربة وتصاعد حركة الصراع والبحث عن منفذ للخروج من المأزق الحرج. تتكون مجموعة (جنة الزاغ) من اربعة اقسام: تقديم، كتاب الطبيعة، كتاب الارواح، وخاتمة. حرص على ان ينهيها بكلمة بعنوان (ضوء اخر في الطريق) معبرا عن زمن الخوف مشيرا الى انه (تحدث عن الخوف الدائم وقلق الانتظار)، قائلا: (انا مثقل بخوف كثير.. دائما اخشي اضطراب الكلام وضياع نفسي)، فكانه يشير الى (جنة الخوف) التي اكتنفها شعره، لان الخوف كان هاجسا يسيطر على حركة تفاصيل الحياة، وهو خوف من المستقبل المجهول الذي يعيشه، وهو مشحون بالغربة والوحشة والهرب حتى كانت البيوت (اشباحا) بسبب السفر والاغتراب، فكانت هذه الجنة جنة من نوع خاص، ارتبطت بطائر الزاغ المهاجر ذي اللون الاسود الذي يجتاح مزارع الفلاحين ويلتهم بذور الحنطة والشعير في بدء كل موسم زراعي. وياسين طه حافظ شاعر ذو جذور ريفية تعود الى قرية (زاغنية) من ريف ديالي، النهر الهادئ ذي البساتين الجميلة يستعرض هنا طفولته وصباه ويستحضر اجواء الحياة هناك وهو محمل برهبة الحاضر، يعرض هواجسه وشهقات اهله المحملة باثقال الخوف، مما يجعل مجموعته محملة بافكار (الرهبة، الموت، الضياع،الحزن، الفراغ، الغموض، الشحوب، الخنازير، الحيرة، الوحدة، الاستلاب، الجنون، الضباب، المصادرة، الهجر، الغياب، الخسارات القادمة) مما يكشف للقارئ ان ظواهر البساطة والوداعة والاستسلام في هذه القصائد تخفي تحتها تاريخ شاعر ريفي شحنها برؤي قابلة للتأويل والاستبطان مما يوحي بضرورة التأمل لهواجس زمن الخوف، مما يجعلها ذات موضوع واحد يستند الى انسياب حكائي مفعم بالحيوية تثريه لغة شعرية ندية تجمع بين الحياة اليومية واللغة الشعرية المعبرة عن تجربة ناضجة في ظل وحشة الزمن وكثافة الاحداث. rnــ 2 ــ استهل الشاعر مجموعته بمدخل شعري بعنوان (صائغ) كشف فيه عن صياغته حكايات تكشف عن خيانات (اصحابنا) وثيمة (الطائر فكرة) و(الفكرة طائر)، وكانه يسرد لسادة القصور عن هوية (الشاعر الحائر في مأساته) والوحيد الجالس في حجرته وهو يردد: (انا واحد من مخاليق هذا المتاه)، في بلاد لها ثروة (منثورة)، (هجرها الناس وخلفوا كنوزهم اعلي الطريق) ليقرأ (مرثية) الخاصة به، لقد رثى الشاعر نفسه وقريته واهله، وروحه الموزعة (في الشتات) فيشير في قصيدة (الريح) الي المحنة الانسانية، محنة كونه عراقيا فيقول : وذلك بيتهم خال ليملأه المساء، تزوره الذكرى وتقعد عند فتحة بابه: ابنا ابا كان اخا قتلوه او اما تعاود بيتها، تتفقد ااطفال قد كبروا وضاعوا، ضاعت الدنيا (ص31) اذا كان صاحب البيت قد توهم ان احدا يعانقه حين عاد، فان البيت الذي بقيت مودته والنفس انتهت لمحنتها، ملخصا وضع الوطن واهله عبر اسلوب الحكاية الشعرية التي تقترب من (البالاد) وهو يسرد الحدث ويكثف اللغة ونسيجها الاسلوبي بما ينسجم مع خصائص القصيدة الحديثة، وكأن استحضار الماضي يستنهض الطاقة الكامنة في اللغة وهي تشيع جوا شعريا مشحونا بصدمات متتالية، فهو يسريها عبر جرعات متقاربة الواحدة تتبع الاخرى حتي لا يثير حساسية الاخرين واستفزازهم فيسرب من ثنايا الكلمات والسطور ومضات من تيار الخوف المكهرب، ففي قصيدة (موت الراعي) ثمة اشارة الى غياب العدالة، وان هذا الراعي لم يكن احد يصدق موته، كما تحول (صانعو الزوارق) الى صانعي(توابيت) مما يكشف عن ملامح المسكوت عنه الذي يوحي بوضوح الى وجود نص غائب غير مكتوب، ولكنه يفترض حضوره،ليميل الى العلاقة المقموعة، او الدال المسكوت عنه، والذي يمكن اكتشافه عن طريق انظمة الخطاب، وقوانين تشكيلة لمستوياته الصوتية وللتركيب والمورفولوجية والمعجمية والدلالية. ففي قصيدة (قطعة النقد القديمة) تلك العملة التي هجرتها السوق بعد الحصار ثمة رثاء لماض وتراث، وثمة مسكوت عنه يكشف عن (رحلة) الصدأ، والحدائق الهاربة التي (قبعت في مخابئها) حين يقول : اقرأ الان وجها ترصده قاتل فانتحي جانبا اقرأ الان عمرا مضي صدأ فوقه صدأ : دفنت هذه غيلة في الزمان حاولت ان يظل ملامحها في الضياء حاولت ان تعيش، تقاوم اكثر لكنها تكلم القبضات العنيفة الوت لها عنقا، عندها، لقطت نفسا وهوت من تعب (ص67) كان رثاء الماضي رثاء لزمن مضى، زمن الدعة والحرية والحب، وكشفا لزمن مدجج بالقبضات. ان الشاعر يمنح المتابع فرصة واضحة في تمثل الاحداث والصور للانطلاق نحو دائرة التأويل والاستبطان، وهو تأويل شفاف ونقي، واليف لانه ينطلق من ارضية رصينة، واحساس واضح بالمسؤولية احساس بضرورة التعبير عن لحظة الخوف والاضطهاد، والخضوع لمتغيرات قسرية فرضت وجودها علي الحياة حتي تحولت الاشياء والشخوص الي مجرد اوهام واشباح غائبة. rnــ 3 ــ ثمة اشارة في قصيدة (الارواح تخر

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram