TOP

جريدة المدى > عام > قصة مترجمة: "مذكــرات كـــلـب"

قصة مترجمة: "مذكــرات كـــلـب"

نشر في: 19 أغسطس, 2018: 12:00 ص

ترجمة: حسين نهابة

سأوجز لكم حياتي بكلمات قليلة ما دمنا نجلس لوحدنا مستأنسين. لا أخال ان هناك كلاباً ناكدها الحظ مثلما فُعل بي. ولدتُ في بيت عتيق وقذر وسط الحقول. انا إبن كلب سلوقي وكلبة متشردة لا شيء غيرها على الإطلاق، وهذا كل ما في الأمر. بيد انني اعتدتُ على فهم العالم والانسان بما فيه الكفاية، فأعذروا وقاحتي. لنعد الى ما كنا فيه. تجرأتُ ذات يوم، ولمّا أزل صغيراً، على الذهاب الى الشارع العام. كنتُ ما أزال غير مدرك تماماً لما يعنيه الباص. ان خبرتنا المُتواضعة في سرعة السيارات كلفتنا كثيراً نحن الكلاب. عندما كنا نتمدد وسط الشارع أو الطريق على سبيل المثال، ونرى عربة تجرها الخيول مُقبلة من بعد، نحسب الوقت الذي نتهيأ فيه للنهوض دون عجلة لنفسح لها المجال. اما الباصات فشيء آخر، اذ لا نكاد نبصرها حتى نحس بها فوقنا. وهكذا تسببت في ضحايا ومصائب كثيرة قبل أن يتسنى لنا أن نأخذ فكرة واضحة عن ماهية السرعة الجديدة. اما أنا, الجرو القروي المسكين، فكلفتني أحد قوائمي، إذ اجتازني احد الباصات بسرعة هائلة وسببت لي كسراً في الساق تركتني اعرجاً.
كان سيدي يعمل حارساً في هيئة المحلفين. وما أدراك ما الحراس في هيئة المحلفين؟ انهم الممثلين الاولين، بل أعنف من السلطة ذاتها. وفي هذا المضمار، نعم كانت لديّ خبرة منذ الدقيقة الاولى. ولكنني مع ذلك أظل مديناً لهذا الحارس بكل ما لدي من أفكار حول العالم، البشر، والمجتمع. خرجنا معاً ذات يوم الى الجبال. وما كادت اقدامنا تطأ ارضها، حتى شرع الحارس يرميني بالحجارة. اعتقدت في بادئ الأمر بأنها مجرد مزحة، بيد انه واصل الضرب وأمرني بوجوب الرحيل. لم أفهم الدافع الاّ متأخراً او أدركت أنه راغب عن كلب اعرج ورماني بحجر اكبر. وهكذا قررتُ الرحيل. رحلت أبكي خطوة فخطوة. أجل يا سيدي، الكلاب تبكي ايضاً. رحلتُ مُتلفتاً بين الحين والآخر يدغدغني الأمل في مناداتي . ذهبتُ الى المدينة وهناك بدأت أهم واتعس مرحلة في حياتي.
* كاتب اسباني (1873-1967) ينتمي الى جيل الـ 98. حصل على عدة جوائز منها جائزة دون كيشوت للقصة. تتميز كتاباته بالنقد اللاذع.
 الكاتب: الإسباني آثورين

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

مقالات ذات صلة

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا
عام

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

ماكس تِغمارك* ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي بين كلّ الكلمات التي أعرفُها ليس منْ كلمة واحدة لها القدرة على جعل الزبد يرغو على أفواه زملائي المستثارين بمشاعر متضاربة مثل الكلمة التي أنا على وشك التفوّه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram