adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
جزى الله خيراً عمليات بغداد وقائدها الفريق الركن جليل الربيعي إذ يُصدران تعليمات مشدّدة بحظر تجوال المركبات (السيارات) التي لا تحمل أرقاماً وكذلك مظللة الزجاج طوال أيام عيد الأضحى.
البيان الصادر عن قيادة العمليات بتوقيع الفريق الربيعي أكد أنه"سيجري احتجاز السيارات المخالفة على الفور"، وأن"عناصر النجدة والمرور سيتحمّلون مسؤولية تسهيل مرور العجلات".
هذا إجراء جيد ومتوجّب ليس فقط في عيد الأضحى وسائر المناسبات المماثلة، وإنما في كل أيام السنة من دون أي استثناء. ليس من المنطق والأخلاق والقانون أن يُسمح لسيارات لا تحمل أرقاماً باستخدام الطرق العامة، فالموت كامن في كل سيارة، وترخيص السيارة بالتجوال من دون لوحة أرقام هو ترخيص بالقتل وبالإفلات من العدالة، فما من أحد سيكون بإمكانة معرفة هوية القاتل إذا ما حصل حادث دهس بسيارة لا تحمل أرقاماً.
السير في الطريق العامة من دون هوية دالة على السائق، ولوحة الأرقام إحدى هويات التعريف بالسيارة وسائقها، هو استهتار بحياة البشر وانتهاك للقانون والنظام العام من الطراز الأول. ما من دولة في العالم تحترم نفسها وتحترم مواطنيها تقبل بأن تنزل الى الطريق العامة سيارة أو درّاجة نارية لا تحمل لوحة أرقام. إذا ما حصل مثل هذا في بلد فمعناه أن لا دولة ولا قانوناً ولا نظاماً في هذا البلد، وأن شريعة الغاب هي السائدة فيه، ولذا حتى الملوك والزعماء في الدول المتحضرة لا يركبون إلا سيارات تحمل أرقاماً ومسجلة لدى دوائر المرور.
أما السيارات مظللة الزجاج فهي بدعة اختصّت بها الأنظمة القمعية تحديداً، من فرط خشية مسؤوليها من مواجهة الناس.
في حدود علمنا أن الحكومة وقيادات العمليات كانت قد أصدرت في مناسبات سابقة تعليمات بحظر سير المركبات التي لا تحمل أرقاماً وكذا السيارات مظللة الزجاج، ولم يلتزم بها أحد. الخشية أن يكون مصير تعليمات قيادة عمليات بغداد الأخيرة شبيهاً بمصير التعليمات السابقة التي بقيت حبراً على ورق.
الغريب في بيان قيادة عمليات بغداد الأخير أنه يحمّل عناصر النجدة والمرور وحدهم مسؤولية التغاضي عن سير المركبات المحظورة، من دون تحميل أي مسؤولية لأصحاب السيارات، وهم في العادة من مسؤولي الدولة الكبار وعناصر الميليشيات، وسائقيها مسؤولية مماثلة.
لمنع وقوع الشرّ يتعيّن اقتلاعه من جذوره، وجذور الاستهتار بالقانون والنظام العام بالتجوال بسيارات لا تحمل أرقاماً أو مظللة الزجاج إنما توجد في بيوت المسؤولين الموضوعة هذه السيارات في خدمتهم. ليس بوسع عناصر النجدة والمرور المساكين تحدّي مسؤولي الدولة وعناصر المليشيات، لأنهم يمكن أن يتعرّضوا الى العدوان السافر، بما في ذلك القتل، كما حصل في عشرات المرّات في بغداد والمدن الأخرى.