سلام خياط
ما إنْ توقفت السيارة عند تقاطع الطريق إمتثالاً للإشارةالضوئية ، باشتعال الضوء الأحمر ، حتى تقاطر على نافذة السيارة ، أطفالاً وصبية ، أحدهم يحمل عيدان بخور .والآخر يعرض علب مناديل ورقية ، والثالث يلوح بقناني ماء ،،،يتوسلون— بشبه إستجداء — ، أن يبادر الركاب لإبتياع ما يعرضون .
صبية .. مكانهم مقاعد الدراسة .. اضطروا لترك المدرسة ، لقسوة الظروف العائلية، وعدم قدرة الأهل على توفير متطلبات الدراسة ، أما لوفاة المعيل ( الأب او الأمّ )،، أو مرضهما أو لمد يد المساعدة للأسرة .
…….
قال الصبي بائع عيدان البخور بصوت مستجدي : اشتروا هذا البخور للبركة ،، والله لم استفتح لحد الآن ،، وزوج أمي يضربني شديداً إذا لم أسلمه حصيلة البيع ، يتهمني بأني كذاب ، وإني أخفي عنه بعض ما أحصل عليه …. لا تملك إلا الإستسلام لدواعي الشفقة ، فتسلمه بعض النقود ، وتترك له الإحتفاظ بعيدان البخور !
أما بائع قناني الماء ، فبضاعته مطلوبة في هذا الجو اللاهب ،، ولكن الصبي يقسم ويتعلل بعدم آرجاع بقية العشرة آلاف دينار لعدم وجود (( فكة )) .
……
الحالات المماثلة كثيرة ومتشعبة …….يتألق الضوء الأخضر ، تتحرك السيارة ، ليظل الهاجس المعذب يطرق حنايا القلب ويستوطن الذاكرة :: هل يمكن لبلد يعوم على بحر من البترول أن يعانى أهله — سيما اليافعين من أبنائه — مذلة الإستجداء ، بعدما اضطروا لترك مقاعد الدراسة ، ليتسلمهم الشارع ، ويزج بهم بكل ما يحويه من رذائل ،،
مَنْ يقي اليافعين من مذلة الإستجداء الذى يتخذ شكل عيدان بخور أو قنينة ماء؟؟ من ؟
ومن المسؤول عن ظاهرة التسرب من المدارس ( في ظل التعليم الإلزامي الذي قضى نحبه بفعل فاعل مجهول تقديره 🙁 هو).