TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > قناطر: الشعب يمتلك هوية حق الغضب

قناطر: الشعب يمتلك هوية حق الغضب

نشر في: 5 أغسطس, 2018: 12:00 ص

 طالب عبد العزيز

لم تعد العملية السياسية في العراق قائمة، بعد التظاهرات التي تجتاح العراق، منذ بداية تموز الماضي، الى اليوم. معالم الانهيار باتت واضحة، الشارع قال كلمته، وكل ما في صناديق الانتخابات من سفاسف صار بلا معنى، وسواء أفاز فلان أو خسر فلان، فالنتائج هي، هي، لن تغير من المطلب الرئيس للجماهير، القاضي بإسقاط الشرعية عن الطبقة الحاكمة، إذ من غير المنطقي أن يحتكم الشعب الى دستور أعوج، بثغرات لا تحصى، والى قوانين تُشرّع من التفاف كاتبيه عليه، لا هم لهم سوى ما يشرّع لصالحهم ويحميهم من غضب الشعب، لقد بلغ التردي بالبلاد طريق اللاعودة.
في آخر تظاهرة شهدتها، طافت شوارع البصرة ليلة أمس، وكنت ماراً بالسيارة صاح بي أحدهم: حاج، انزل، شاركنا التظاهر، لا تقل(شعليه) وكنت أرى سيل الشباب يطوي الشارع في تطوع فطري للمشاركة. 95% من المتظاهرين هم من الشباب، وقد اندفعوا بيأس كلي، ليس لديهم ما يخسرونه، هؤلاء وقود تغيير لا ريب آت، وكل ترقيع تحاوله الحكومة لن ينفع، من يعاين ما يحدث يجد أنه يشبه الأيام التي سبقت ربيع العام 2003، هناك غضب ويأس يعتملان معا في النفس العراقية.
الذي يتضح أن الحكومة غير قادرة على فعل شيء، بعد أن منحت المرجعية الشباب المتظاهر(هوية حق الغضب) الهوية، التي انتزعتها إرادتهم قبل كلمة المرجعية بسنوات، وسواء أخفقت تظاهرات ساحة التحرير وساحات المدن العراقية الأخرى، قبل اليوم، أو حاول البعض التقليل من شأنها، ها هي تؤتى أكلها، وإذا كانت المرجعية قد حاولت التخفيف من لهجتها ضد الحكومة، فها هي تنحاز صريحة الى صوت الجماهير، بل يبدو انها أكثر فهما من الحكومة نفسها، فما وعد به السيد العبادي للبصرة لن يتحقق، إذ أنها لن تملك الحكومة عصا سحرية، لكي تضرب بها شط العرب ليصبح ماؤه فراتا، عذباً، سائغاً، مثلما لن يكون باستطاعتها فتح خزائن الأرض ليأخذ البصري حصته وضائف وتعليما وصحة وغذاءًا.
وسط حجم اليأس والغضب الذي تنطوي عليه نفوس الشباب المتظاهر في البصرة بخاصة، حيث مازالت ألسنة الملح ضاغطة على السكان، وفرص العمل منعدمة وسط شيوع قوائم بآلاف العاملين الأجانب في الشركات النفطية داخل البصرة، والقادمين من قارات العالم السبع، يزيده الارتفاع الحاد في درجات الحرارة، حيث تبدو المدينة مثل فرن يمور بالأجساد الغاضبة، وسط ذلك كله، تتجدد المخاوف من انهيار الوضع الأمني، إذ لن تصمد الأطواق المسلحة التي تحاصر الدوائر والمؤسسات الرسمية طويلاً، مع الزمن، القضية التي تدعو الى زعامة عاقلة، متفهمة تقود التظاهرات وتوازن بين الغضب وفهم النتائج لما قد يحصل للمدينة، يزيد من تعقيده، أن المتظاهرين فقدوا ايمانهم بأعضاء الحكومة الحالية ويقينهم بان القادمين لن يكونوا بأفضل من هؤلاء.
يجري الحديث بين الأوساط العاقلة عن إمكانية تشكيل تيار سياسي، بعيد كل البعد عن الأحزاب السياسية الفاعلة في المدينة، يأخذ على عاتقه مهمة إعمار المدينة عبر الاتصال بالحكومة الاتحادية، مع الإبقاء على الحكومة التقليدية، حافظة للأمن وراعية للمؤسسات، لكنها موقوفة العمل، ذلك لأنها باتت خارج احترام المتظاهرين ومحط الشبهات والفساد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

السيد محمد رضا السيستاني؛ الأكبر حظاً بزعامة مرجعية النجف

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

 علي حسين اعترف بأنني كنت مترداً بتقديم الكاتب والروائي زهير الجزائري في الندوة التي خصصها له معرض العراق الدولي للكتاب ، وجدت صعوبة في تقديم كاتب تشعبت اهتماماته وهمومه ، تَّنقل من الصحافة...
علي حسين

قناديل: في انتظار كلمة أو إثنتيّن.. لا أكثر

 لطفية الدليمي ليلة الجمعة وليلة السبت على الأحد من الأسبوع الماضي عانيتُ واحدة من أسوأ ليالي حياتي. عانيت من سعالٍ جافٍ يأبى ان يتوقف لاصابتي بفايروس متحور . كنتُ مكتئبة وأشعرُ أنّ روحي...
لطفية الدليمي

قناطر: بعين العقل لا بأصبع الزناد

طالب عبد العزيز منذ عقدين ونصف والعراق لا يمتلك مقومات الدولة بمعناها الحقيقي، هو رموز دينية؛ بعضها مسلح، وتشكيلات حزبية بلا ايدولوجيات، ومقاولات سياسية، وحُزم قبلية، وجماعات عسكرية تنتصر للظالم، وشركات استحواذ تتسلط ......
طالب عبد العزيز

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

سعد سلوم في المقال السابق، رسمت صورة «مثلث المشرق» مسلطا الضوء على هشاشة الدولة السورية وضرورة إدارة التنوع، ويبدو أن ملف الأقليات في سوريا يظل الأكثر حساسية وتعقيدا. فبينما يمثل لبنان نموذجا مؤسسيا للطائفية...
سعد سلّوم
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram