TOP

جريدة المدى > عام > مؤيد محسن: وضعنا الفني بائس ونحتاج الى إعادة تأهيل للعقل والإنسان

مؤيد محسن: وضعنا الفني بائس ونحتاج الى إعادة تأهيل للعقل والإنسان

نشر في: 5 أغسطس, 2018: 12:00 ص

حاورته : زينب المشاط

أعماله تتصف بديناميكية، إضافة الى ما تتمتع به من إحساس دافئ، ولغة تخاطب الوجود الخفي مُتطلعة الى العالم بنزعته الذاتية لتتوغل في عمق الروح مُستحضرة ذلك الحلم، وتستنطق اللون، إنه يجد إن الفن تعامل مع اللون والظل والضوء، لا خطوط ترتمي على اللوحة بلا روح، وصف المشاهد والمتابع للفن التشكيلي أسلوبه بالسوريالي، إلا انه يجد أن أسلوبه واقعي، في وقت صار فيه واقعنا مُلغم بالحلم والكوابيس فبهذا يبدو أن واقعنا سوريالياً لهذا يصف المشاهد أسلوبه بهذا الوصف، يحاول دائماً ان يُشكل بُنية غرائبية فيما يقدمه من أعمال فيُقدم حواراً وخطاباً فنياً عبر اللون والخطوط، والإحساس الذي ينبعث في لوحاته، ولأنه متمرد على الواقع رافض له، مُتأسف عليه هذا أيضاً يُمكن للمشاهد ان يجد ويلمس هذه النزعة في أعماله...
" المدى " وكما اعتادت إقامة حوارات مع كبار الفنانين والمثقفين والشخصيات الفكرية والمعرفية العراقية اليوم تتحدث الى التشكيلي " مؤيد محسن " لمعرفة أسباب غيابه عن الوسط التشكيلي هذه الأيام، خاصة وإن الكثير من المتابعين يبحثون عن ضربات ريشة مؤيد محسن ...

 يذهب البعض الى إن أسلوبك ينتمي الى السريالية لكنك تُشخص الكثير من أعمالك فماذا تقول عن الأسلوب الذي تتبعه؟
- أسلوبي يسمي الواقعية الرمزية وليس له علاقة بالسوريالية ربما مخبوءة السريالية بداخله لكنه يتحدث عن واقع مرير أصبح كل شيء فيه سهلاً مباحاً أي الخراب والدمار والترويع موجود في الواقع . السريالية أحلام وكوابيس نتيجة الحرب ، أما نحن كنا نعيش الحرب بكل لحظاتها ومواردها التي تخلف أشلاءً ممزقة وعليه الواقع هو المحتوى الأول والحياة التي تمتلئ خراباً إذن أسلوبي واقعي رمزي .

 حكاية يتداولها الكثيرون من عشاق فنك بخصوص لوحتك عن رامسفيلد ، هلّا حدثتنا عنها؟
- اللوحة التي احتوت رامسفيلد وزير الدفاع الامريكي هي واحدة من أعمال المعرض الشخصي السادس في وزارة الثقافة عام 2006 وهي من مقتنيات السيد راندل سميث / الولايات المتحدة الامريكية . الضجة التي أثارتها هذه اللوحة هو اني قدمت الحرب بشكل آخر شكل يتحدث عن أرض الرافدين مشار لها بالأسد من حضارة بابل ثم إني وضعت حواراً لونياً وأدائياً بين جلسة الوزير وصلابة الأسد ثم منحتها عنواناً كان هو قد تحدث به قبل دخول العراق ( نزهة Picnic )إن ما أثار الجدل هو أن كثيرين من فناني أميركا قدموا الحرب على إنها قتل وترويع لكني قدمتها في هذه اللوحة حواراً بين ثقافة عميقة الأمد تشير الى الحضارة الرافدينية عبر دلالة الأسد البابلي وإنسان معاصر يتمتع بأتم مقومات الحضارة التكنولوجية.

 في لوحاتك نلاحظ رموزاً كثيرة للرحيل كسكك القطار، والصحراء ، مالذي توّد أن تقوله من خلالها؟
- سكة القطار دلالة العمر والترحال وعدم الاستقرار في وطن يغفو على أنهار من النفط ثم متاهة الطرقات وفوضاها في الاتجاه .وهي تتوسط صحاري ممتدة شاسعة تلك تشير الى عدم الاستقرار والتيّه .السلطة السياسية دائماً تخلع الحياة من المواطن وتسرقها بل وتقتلها وتمحي أثرها بسبب أنه دائماً يتسلق الرعاع وقطاع الطرق الى السلطة وخاصة في سلطة الجمهوريات وهذه وجهة نظري الخاصة .

 الى أي مدى انعكست مزاجيتك على أعمالك وهل استطعت الخروج عن التقاليد في العمل الذي تقدمه؟
- ليس لدي أي انزياح في المزاج الذي يخرج اللوحات وطريقة بنائها بل ممكن جداً أن أطوره لصالح الشكل والوعي المعاصر في كيفية تناول الشكل ومعالجته بتقنيات معاصرة ثم إخراجه بشكل يتآلف مع الموجودات سواء كانت حديثة أو قديمة المهم أن يكون هناك وعي لمواكبة فلسفة العصر الجمالية لكن بهوية عراقية تبحث عن مكان لها في البيئات العالمية أو على الأقل تحلم بالصيرورة في مجتمع لا يعرف الفن كثيراً وبصراحة غالباً لا يحترمه.

 برأيك لماذا لم تعد المعارض التشكيلية تستقطب جمهوراً واسعاً كالسابق؟
- المعارض التشكيلية حالياً لاتستقطب جمهوراً واسعاً ويكاد يكون محصوراً على نخبة ضئيلة جداً ويرجع السبب الى : أولاً عدم وجود سياحة في البلد والمقصود بالسياحة هو دخول أفراد وجماعات من شتى البقاع لزيارة الأمكنة في العراق ومنها الأثرية والتاريخية وهذاغير موجود إطلاقاً ثانياً عدم انفتاح الثقافة العراقية على ثقافات العالم من حيث المشاركة في المهرجانات أو إقامة مهرجانات في البلد تستقطب المشتغلين بأساليبهم المعاصرة ثالثاً إن حضور المعرض هو نوع من التذوق والثقافة الجمالية لدى الأفراد والجماعات وهذا لا يتم الا بوجود تنشئة تربوية صحيحة يعني وجود ثقافة الفن عند الفرد منذ البدء ولا نجامل هنا إذا قلنا إن درس التربية الفنية والجمالية انعدم تماماً في المدرسة العراقية.

 ألا تعتقد أن رمزية العمل التشكيلي، والشفرات التي يضيفها الفنان في لوحته، وصعوبة قراءتها من قبل المتلقي هي التي حدّت من إقبال الجمهور على هذا الفن أو جعلت جمهور الفن التشكيلي خاصاً ومحدوداً؟ برأيك كيف يستطيع الفنان التشكيلي أن يجمع بين الاثنين المحافظة على الرمزية وسموّ الشفرات في العمل، والوصول الى المُتلقي بسهولة؟
- نعم رموز العمل التشكيلي وشفراته وخاصة. في فن الرسم بعيدة عن الجمهور والمتلقي العام وهذه ترجع لأسباب منها تخص الفنان والتي تبني على عدم نضج تجربته الفنية لاسيما إن في العراق كثيرون استسهلوا الموضوع وبدأوا يقحمون أعمالهم برموز وبشكل تجريدي لتلافي الوقوف أمام التشريح والمنظور وفعل الضوء في مفهوم الرسم الحقيقي وهؤلاء هم كمجاميع للأسف يشجع بعضهم البعض مجاملةً حتى إنهم صدقوا أكذوبتهم وتوهموا بأنهم فنانون . ومن باب آخر إن المتلقي وخاصة العراقي للأسف لايتمتع بأدنى تذوق للخطاب بسبب الثقافات التعسفية التي تفرضها أفكار المجتمع والسلطة السياسية أو الدينية التي لا تأتي لدراسة موضوعية الخطاب والفن والجمال بشكل علمي و ( انثربولوجي ) . باب آخر هو ضعف المؤسسة التي تتبنى العملية الفنية ثم أن الفن يحركه رأس المال لاسيما في الغرب وإن كثيراً من التجارب المهمة بُنيت على تبني الأعمال والارتقاء بمستوى المبدع أما لدينا فان صاحب المال لايتمتع بأدنى مستوى من الوعي.

 مؤيد محسن لماذا أنتَ غائب عن المشاركة في المعارض التشكيلية التي تقام اليوم؟
- سبب عدم مشاركتي في المعارض الجماعية بكل صراحة إما الأساليب والمستويات المشاركة رديئة أو إنهم يعنوِنون المعرض بما يشير الى فئة حزبية وأنا أحرص على أن يكون الفن خالصاً للعملية الجمالية والتقنية الأدائية متلاقحة مع ثقافة العصر

 كيف تُقيم الفن التشكيلي العراقي اليوم؟ وما رأيك بالمعارض التي تقيمها المؤسسات الحكومية المعنية بهذا الفن والمؤسسات الخاصة؟
- أغلب المعارض التي تقيمها المؤسسات ليس لدراسة الفن والارتقاء به بل هي ترويج لمفهوم ديني أو سياسي غير خاضع لمفاهيم وأسس الفن الحقيقي وإنما "تلزيق" بكل صراحة وضعنا الفني بائس نحتاج الى إعادة تأهيل للعقل والإنسان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

الكشف عن الأسباب والمصائر الغريبة للكاتبات

موسيقى الاحد: عميدة الموسيقيين

النقد الأدبي من النص إلى الشاشة

صورة الحياة وتحديات الكتابة من منظور راينر ماريا ريلكه

النوبة الفنيّة أو متلازمة ستاندال

مقالات ذات صلة

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا
عام

علاقة الوعي بالمعنى والغاية في حياتنا

ماكس تِغمارك* ترجمة وتقديم: لطفية الدليمي بين كلّ الكلمات التي أعرفُها ليس منْ كلمة واحدة لها القدرة على جعل الزبد يرغو على أفواه زملائي المستثارين بمشاعر متضاربة مثل الكلمة التي أنا على وشك التفوّه...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram