شاكر لعيبي
قدمتُ ذات مرة تصوَّر شليغل حول الفن الشعريّ، وأودّ الآن تقديم بعض تأملات الألمانيّ فريدريك فون شليغل حول الأدب والجمال والإيطيقيا. وشليغل باحث أدبيّ وجماليّ ولغويّ وفيلسوف وشاعر ألمانيّ (1772 – 1829). ولد لعائلة بروتستانتية. درس القانون في جامعة غوتنغن ثم اللغات القديمة والفلسفة في جامعة لايبزيغ، وانتقل إلى برلين حيث عمل مدرِّساً، وأسهم مع أخيه في إصدار مجلة «أثينيوم» الداعية إلى الحركة الرومانسية. وعلى صفحاتها ستظهر الـ 451 شذرة التي تنطوي على الأسس النظرية للرومانسية الألمانية. ولتصبح الشذرة، بامتياز، الشكل الأدبيّ الأثير للحركة. حسب المجلة، تسمح الشذرة بصفتها تعبيراً عفوياً، عبر شكلها "غير المكتمل" بتأمُّل لانهائيّ مشترك، لذا فهي تختلف عن القول المأثور aphorisme المكتفي ذاتياً. هنا سيظهر ما يدعوه شليجل بالـ"سيمفيلوسوفيّة Symphilosophie"، أي الفلسفة التي نفكّر بها بشكل مشترك.
كان شليغل قد استقرّ سنوات عديدة بالقرب من مدام دي ستايل، فساعدها على اكتشاف الأدب الألمانيّ، وكان يرى أن من مبادئ الرومانسية جمعها بين الأضداد ومزجها بين الأنواع الأدبية المختلفة.
فريدريك شليغل يُهمّ ثقافتنا العربية لعدة أسباب، على رأسها أنه كرّس نفسه منذ عام 1802 لدراسة اللغات الشرقية، ودَرَسَ اللغة السنسكريتية، ونشر (في عام ١٨٠٨) دراسة مقارَنة في فقه اللغتين الألمانية والهندية. الأمر الذي لم يمنعه من تقديم موقف نقديّ، مُضْمَر للثقافة العربية بقوله: “يتّـسم العرب بطبع مجادل الى أبعد الحدود. فهم، من بين الأمم جميعها، أكثر الأمم قدرة على النفي والإتلاف. ما يميّز فلسفتهم في روحها هو وَلَعَهم المرضيّ بإتلاف الأصول والقضاء عليها بمجرد أن تتمّ الترجمة"، مشيراً إلى التباس العلاقة التي أقامتها الثقافة العربية القديمة بالنصوص التي ترجمتها.
والسبب الثاني يتعلق بتحقّقنا من أن أهمية الكاتب، أيّ كاتب، لا تتموضع بالضرورة في كتابة الشعر والنثر الفنيّ، إنما أحياناً في أماكن أخرى. فقد كتب شليغل العديد من المؤلفات النثرية والشعرية التي لم تلق اهتماماً في الوسط الأدبيّ الألماني. وترجم سبع عشرة مسرحية لشكسبير إلى الألمانية. لكن أعماله النقدية السجاليّة سلّطت الضوء عليه بصفته ناقداً بارعاً، وكاتباً ذوّاقة. وقد بدأت مؤلفاته بكتاب مثير للجدل بعنوان «في دراسة الشعر الإغريقي» Über das Studium der griechischen Poesie تابع فيه المواقف البرجوازية المتطورة للكلاسيكيين الألمان بدراسة الإغريق، وبتأثير فلسفة فيختِه تحوّل إلى مواقع المثالية الذاتانية التي شكّلت الخلفية الفكرية للإبداعية (للرومانسية) الألمانية.
°°°
"ليس هناك من معرفة للذات إلا معرفة الذات التاريخية. لا أحد يعرف نفسه إذا كان لا يعرف معاصريه".
°°°
"الوسيلة الأكيدة لجعل المفردات مبهمة أو يساء فهمها هو استخدامها بمعانيها الأصلية؛ ولا سيما مفردات اللغات القديمة".
°°°
"بِمَ أنا فخور كفنانٍ، وبماذا يمكن أن أكون فخوراً؟ بالقرار الذي فصلني وعزلني إلى الأبد عن كل عاديّ".
°°°
"المبادئ الأخلاقية دون حسّ المُفارَقة ابتذال".
°°°
"عليك أن تنام طيلة حياتك كي تصدّق بأحلامك".
°°°
"كتاب جيد مثل خنجر: يحمي أو يقتل".
°°°
"وجهة النظر الجوهرية للمسيحية هي الخطيئة".
°°°
"كم من المؤلفين يوجد بين الكُتّاب؟ كاتب يعني أن تكون أصيلاً".
°°°
"فلسفة أفلاطون هي مقدمة تليق بديانة مستقبلية".
°°°
"بنقائها الصارم، جميع الأنواع الكلاسيكية اليوم أضحوكة".
°°°
"يستطيع المرء فقط أن يصير [في حالة] فيلسوف، ولكن لن يكون [فيلسوفا] أبداً. إذ عندما يؤمن بأنه فيلسوف، فقد توقف أن يكونه".
°°°
"ما يُسمّى بالمجتمع المهذّب، عادة ما يكون فسيفساء من الكاريكاتورات المصقولة".
°°°
"الروح كأداة للانتقام وضيعة كالفن [عندما يكون] وسيلة للدغدغة الحسية".
°°°
"العديد من الالهامات الروحية هي مثل لُقْيَة مدهشة من الأفكار المرتبطة بصداقة بعد انفصال طويل".
°°°
"عندما تفكّر بأمر متناه، مصبوب في قالب اللامتناهي، فأنت تفكّر بالإنسان".
°°°
"التهكُّم شكل من أشكال المفارَقة. والمفارَقة هي الجيد والعظيم في الوقت نفسه".
°°°
"حيثما توجد السياسة والاقتصاد، لا توجد الأخلاق".
°°°
"موضوع التاريخ هو التحقُّق التدريجيّ لكل ما هو ضروريّ عملياً".
°°°
"المؤرّخ نبيّ ينظر إلى الماضي".
°°°
"عندما يكون المعقول وغير معقول في تواصل، تحدث صدمة كهربائية. وهذا هو ما يُسمّى بالمجادلات".
°°°
"كل شخص سيئ التربية هو كاريكاتير لنفسه".