متابعة: المدى
الشخصية العراقية من السومرية إلى الطائفية، هذا الموضوع كان أولى المحاضرات التي أقيمت على دار "معنى" للطباعة والنشر بعد افتتاحها، وقد أُقيمت الجلسة الخاصة بهذه الموضوعة مساء يوم الاثنين الفائت على قاعة الدار، المحاضرة قدمها رئيس الجمعية النفسية العراقية وأمين عام تجمع عقول د. قاسم حسين صالح، تحدّث صالح خلال الجلسة عن الاستفتاء الذي قدمه عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن كيف يرى كل منا الشخصية العراقية من السومرية الى الطائفية ويذكر صالح إن أهم ما جاء بالاستفتاء "إن البعض يجد الشخصية العراقية السومرية تعبر عن الحضارة الانسانية أما الطائفية فما هي إلا تحولات من شخصية وطنية لا شخصية فاقدة للهوية الوطنية." ويذكر صالح " إن تفتيت الشعب بكل وسائل العنف والقسوة هي التي حالت لأن يكون بلا مواطنة، ما جعل الشخصية العراقية تحتضر، فهذه الشخصية التي أتعبتها الحروب والحرمان، نجدها غير قادرة على الاستقرار."
الجوع والتخويف والعنف والترهيب هي الأسباب التي يتفق عليها الجميع على أنها جعلت الشخصية العراقية على ما هي عليه اليوم كما يذكر صالح ان من ضمن الاراء التي تدور حول الشخصية العراقية " إنها لو لم تكُن مهيئة للتناحر الطائفي لما سهل التأثير عليها ذلك إنها شخصية هشة ومن السهل دفعها نحو الهاوية."
وبعد أن عرض صالح آراء الاستفتاء الذي قدمه، ذكر إنه " بعد 2003 برزت الشخصية العراقية الفاقدة لوطنيتها، وذلك من خلال تمكين شخصيات حاكمة متعصبة، عملت بشكل سلبي يميل للطائفة والتي تقلل من مكانة الشخص دون مبرر، وتميز الناس على أساس طائفي لا إنساني، وهنا تنافى ما جاء به الحكام مع مقولة علي ابن ابي طالب الناس شخصان إما اخ لك في الدين او نظير لك في الخلق."
بشكل عام يشير صالح الى أن التعصب موجود بالشخصية ولكن أعراضه ظهرت بعد 2005 بسبب صراع الهويات ذاكراً " إن الشخصية العراقية بطبيعة الحال تناقض نفسها فهي تقوم بواجبات الدين من صوم وصلاة إلا انها تتنافى مع الدين من حيث النفاق، والكذب وغيرها من الافعال."
ويعطي صالح مجموعة من الدلائل على أن العراقيين لم يختاروا الوطن ذاكراً " في انتخابات 2014 انتخب الشيعة أو غالبيتهم المالكي، بينما اختار السنّة أي شخص آخر يقف ضد المالكي، وهذا أكبر دليل على انهم نسوا في اختيارهم أهمية الوطن من كل ذلك، أيضاً يمكن أن نلاحظ أن المراجع الدينية حين حفّزت على المشاركة بالانتخابات خدمة للوطن نجد إن عدداً كبيراً من العراقيين لم يُلبِ ذلك وبهذا فهم لم يفكروا بالوطن، وهذا ذاته ما أشار إليه برايمر حين ذكر إن السنة والشيعة والكرد كل منهم جاء ليفتح ملفات خاصة بمطالبه إلا أنهم نسوا مطالب العراق ."
هُنا يجب أن نشير الى أن الشعور بالانتماء مات لدى نصف العراقيين أما النصف الآخر فتتحكم بهم نعرات عشائرية وطائفية والقلة القليلة جداً هم من يتحكم بهم انتمائهم الى وطنهم، وتحدّث صالح خلال ندوته عن الضمير ودوره في التعامل مع الفرد نفسه وكيف يكون الضمير هو الرادع للانسان ذاته، ذاكراً إن " المجتمع صار تحت قانون الغابة وتقسم الى أقلية قوية تمارس السلطة بقسوة وأكثرية من الفقراء يمارسون الغش والحيلة بضمير يبرر ممارسة الرذائل لتضمن لهم العيش."