TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > مجرد كلام: لازلنا ننتظر ..

مجرد كلام: لازلنا ننتظر ..

نشر في: 28 أغسطس, 2018: 08:19 م

 عدوية الهلالي

بعد عام 2003 ، بدأت حفلات التعارف بين المعارضين للنظام السابق الذين وفدوا الى العراق ل(ينقذوه) مما حاق به خلال النظام الدكتاتوري البائد وبين المواطنين البسطاء ..صارت كل كتلة أو شخصية سياسية تعلن عن نفسها بالطريقة التي تجدها أكثر تأثيراً في النفوس ... منهم من أمسك بخيوط الدين ليحركها حسب أهواء الناس عملاً بمبدأ ان العمل بمبادئ الدين يشيع الاطمئنان في النفوس خاصة وإنهم رفعوا الحواجز عن الطقوس والشعائر التي كان البعض يحلم بممارستها دون خوف من الحكومة ومنحوا الناس حرية التعبير عن ولاءاتهم الدينية ..ومنهم من جاء خبيراً بلعبة السياسة فاجتهد في اطلاق الوعود ببناء بلد حر ومزدهر ...
في إحدى تجمعاتهم التي كان المواطن يتوقع منها خيراً ، خرج من بين الجمهور رجل مسن تمكن بالكاد من الوصول الى إحدى الشخصيات المعارضة الشهيرة ، ورغم تلكؤه في السير وارتعاشة يديه ، أطلق صوته ليسمعه ذلك المعارض الهمام ..قال له بعتب مشوب بالأمل :" انتظرناكم طويلاً " ..ويبدو أن هذه العبارة انعشت غرور المعارض واكتسبت رضاه فاتسعت ابتسامته الثعلبية ليقول للعجوز الفقير :" انتظرونا ...سنمنحكم عراقاً جديداً "....
وهكذا كان فعلاً ..فنحن نعيش اليوم في عراق جديد بكل المقاييس ..عراق اختلطت فيه الأوراق وتشابكت فيه الرؤى وغابت الأحلام والآمال ..ربما غاب عنه الرجل العجوز أيضاً فقد كان مسناً وفقيراً يبدو عليه المرض ولااظنه واصل الانتظار الذي طالبه به السيد ( المنقذ) ، لكنه وإن رحل فهناك ملايين من العراقيين ينتظرون ..ربما كفوا عن الحلم بمستقبل مشرق واكتفوا بانتظار ماستسفر عنه الأحداث السياسية المضطربة أبداً والتنازعات المتواصلة فماعادوا يحلمون إلا بالقليل ...لقمة تسد جوعهم وسقف يأويهم ومصدر رزق يعينهم على الصمود مهما كان بسيطاً او مهيناً أحياناً ..وهذه أبسط حقوق ومتطلبات أي مواطن في أفقر دول العالم..لكننا نعيش في العراق ..البلد الغني القوي بحضارته وكيانه وأبنائه، وكنا نتخيل إن الحكم الدكتاتوري وسنوات الطاغية أفقدتنا عراقنا لذا كان لابد لنا أن نسترجعه بان نساند من عادوا اليه من المنفى فاتحين محملين بالوعود للشعب المنتظر ولم نجد ضيرا في ممارسة لعبة انتظار جديدة حين قالوا لنا :" انتظرونا " فالوعود دسمة والمستقبل يعد بالكثير ...
وانتظرنا ..وساندناهم ولوثنا أصابعنا باللون البنسفجي عدة مرات ،وبعد كل مرة كنا نكتشف اننا لم نشاركهم في بناء العراق الذي وعدونا به بل شاركناهم بيعه حين منحناهم المناصب ...منحناهم الفرصة ليتقاسموه ويسلبوا خيراته ويجاملوا الدول على حسابه ..فتوريطه مع الارهاب انعش سوق السلاح الامريكي وتدمير الزراعة فيه انعش تجارة الاستيراد من دول الجوار وغير ذلك من عشرات الامثلة ...لايحق لنا الآن ان ننتظر مستقبلا افضل فقد شاركناهم في قتل آمالنا حين انتظرناهم ..ثم انتظرنا منهم الكثير ..والمصيبة إننا لازلنا ننتظر !!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram