سلام خياط
هرباً من سوداوية الأحداث في بلدي والمنطقة، أقرأ في كتاب عن (جان جاك روسو) الذي تعد كتبه لاسيما (العقد الاجتماعي) و (أميل) و(الاعترافات) من جملة نفائس ما كتب في الفكر الإنساني الحر.
……….
روسو الذي لم ينصفه عصره.. عاش حالات من القهر والظلم والهزائم، متوحداً، مغلوباً، ولا عجب، فإن معظم العمالقة المبدعين، المؤثرين في الفكر الإنساني، عانوا ما عانوه بهذه الدرجة أو تلك. وليس غريباً أن يكون كتابه (العقد الاجتماعي) طفرة فكرية، وحجر زاوية، بما اشتمل عليه من أفكار وتصورات يعتقد - يقيناً - أنها ساهمت بإشعال فتيل الثورة الفرنسية.
……………….
ينحدر (روسو) من عائلة فرنسية الأصل، بروتستانية المذهب، حطّت رحالها في جنيف، منتصف القرن السادس عشر، ولد (روسو) في جنيف عام (١٧١٢) وكأنه كان على موعد مع المصائب، فلم يمض أسبوع على ولادته، حتى خطف الموت والدته، ويصف روسو نفسه في كتابه (الاعترافات): لقد ولدت ضعيفاً ومريضاً، وقد دفعت والدتي حياتها ثمناً لولادتي، كانت ولادتي أولى مصائبي!!
بعد تورط والده في مشاجرة عنيفة، إضطر للهرب من جنيف خوفاً من ملاحقة العدالة، وعهد بابنه روسو - الذي كان في الثامنة من العمر الى خاله.. بعد ذاك اشتغل مساعداً لكاتب قضائي، لكنه طرد من الوظيفة بسبب إهماله العمل، ثم انخرط في عمل لدى أحد المصورين..
وهناك - كما يذكر في كتابه الاعترافات - أصبحت شخصاً لا ضابط لسلوكه: كاذباً ولصاً -
بعدها، ترك العمل لتبدأ مرحلة التنقل، فمن باريس إلى إيطاليا الى ليون، وهناك تعرف على الآنسة (تيريزا، وعاش معها بقية عمره، صديقاً ثم زوجاً، والتي أنجبت له خمسة أولاد أودعهم جميعاً في دار الأيتام لعجزه عن إعالتهم!
بالرغم من أن مؤلفاته الشهيرة قد لاقت الإقبال الشديد، فإن كتابيه (العقد الاجتماعي وأميل)
قد جلبا له النقمة والسخط، فقد حكم البرلمان الباريسي بحرق الكتابين وسجن مؤلفهما، مما اضطره الى الهرب الى سويسرا، التي كانت بدورها قد أصدرت حكماً مماثلاً، فغادرها لاجئاً الى إنكلترا، عند بلوغه الستين من العمر ازداد بؤسه وفقره وانصرف الناس عنه، وقد تعرض لأزمة قلبية حادة أدت لوفاته، فدفن في مقبرة قريبة، ولكن حينما حققت الثورة الفرنسية ظفرها، تم نقل رفات روسو باحتفال مهيب الى مبنى (البانثيون) وهو مثوى عظماء فرنسا.
* معلومات المتن مستلة من مجلة ثقافات لـ(علي أسعد وطفة).