إياد الصالحي
لا يحتاج قطّاع الرياضة في العراق أدلّة قاطعة لإثبات سوء التعاطي مع ملفاته الساخنة، لاسيما تلك التي تتعلق بسمعة البلد، ففي كل ما نرى ونسمع ونقرأ عن مأزق جديد يتشاطر فيه المنقسمون حوله بتعاير بعضهم لبعض ببيان رسمي أو تصريح تلفازي أو مقال أو حتى صورة ظناً منهم أنها شجاعة لكنها قمّة في الوضاعة التي تخزيهم بمتناقضات يوم كانوا في صفّ هذا ضد ذاك، واليوم نرى العكس، ولا غرابة في تقافزهم الى مراكب متعدّدة تأخذهم نشوة عطايا المنافع، وألسنتهم بريئة مما يصفون وما يعلّقون كلما اشتدّ لي الأذرع، وتراهم ينحازون لمن يرعى مصالحهم، قوله تعالى (يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِم مَّا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ).
ما أثاره ملف التزوير المقدّم الى الاتحاد الدولي لكرة القدم بكل البيانات المعزّزة بالثبوتات الرسمية والصور والفيديوهات ومنشورات الصحف والاعترافات أثناء المقابلات التلفازية من انقسام واضح بين مؤيّدين ومعارضين، مؤيدون بضرورة إطلاع الفيفا على تطعيم المنتخبات العراقية بلاعبين لا يسمح وجودهم في الفئات العمرية المعنية بالبطولة وكانت فضيحة مطار بغداد دليلهم الدامغ بوجوب مساءلة الاتحاد المحلي من قبل الفيفا وإجراء زيارة عاجلة لتدقيق ملف التزوير والاستماع الى آراء خبراء ومدربين ولاعبين وإعلاميين ليخلصوا الى نتيجة وقرار وفق مشاهداتهم وقناعاتهم أي الأطراف التي تتحمّل المسؤولية مباشرة لتنال العقاب اللازم وفق لوائح لجنة الأخلاق المعنية بقضايا الفساد والتزوير.
أما المُعارضون لوصول ملف تزوير اعمار اللاعبين الى الفيفا دون أن يكون للاتحاد المحلي معرفة به كي يُدلي برأيه ويرفع تقريراً به يحيط المؤسسة الدولية بحيثيات القضية ومقدار مسؤوليته ودوره في القضاء على التزوير داخل المنتخبات الوطنية وبطولات الأندية للفئات التي كشفت مؤخراً عن استبعاد 622 لاعباً مزوراً من قبل لجنة فحص الأعمار، المعارضون هنا ألتفّوا حول جوهر القضية وأخذوا يكيلون الاتهامات يميناً ويساراً ولم يتورّعوا في إحداث ضرر معنوي بمنصب وزير الشباب والرياضة عندما استنجدوا برئيس الحكومة واشتكوا ضده متهمين إياه -بحسب بيان رسمي- أنه (يحثّ الخطى لمعاقبة الرياضة العراقية من خلال إصراره الغريب على اتهامنا بموضوع التزوير وهو أعلم الناس ببراءتنا منه كما الذئب ويوسف، حيث أتهم الوزير اتحادنا بضلوعنا بموضوع التزوير بعد أن سلّم ملفاً متكاملاً الى فاطمة سامورا وتمّت إحالته الى لجنة شؤون اللاعبين في الاتحاد الدولي من أجل دراسته واتخاذ القرارات المناسبة بشأنه ما عرّض سمعة اتحادنا الى التشكيك وهو ما لا نقبله وسندافع عنها بكل ما أوتينا من قوّة مستمّدين العزم من الحق الذي لابد له أن ينتصر على الباطل!).
أولاً، لا يوجد دليل واضح يؤكد أن الوزير عبدالحسين عبطان قدّم ملف التزوير الى الفيفا، وفات على المعارضين ولم يسعفهم مشاورهم القانوني بالمعلومة، أن عهد رئيس الفيفا جياني إنفانتينو فتح باب الحوار مع الحكومات الراعية للاتحادات من حيث تأمين المال والعقار والأمن، حيث لم تعد الاتحادات الأهلية دكاكين مغلقة تبيع وتشتري بما تشاء دون علم الحكومة والفيفا، وقد فتح الأخير مكتباً للتنسيق الحكومي انسجاماً مع وصايا المؤتمر الدولي الذي شارك فيه أكثر من 100 شخص من كبار مسؤولي التربية البدنية في مدينة كازان الروسية في النصف الأول من عام 2017 بحضور الوزير عبطان، وأقرّ بتشكيل مكتب للتنسيق الحكومي في جميع المنظمات الدولية ومن ضمنها (الفيفا) من أجل الارتقاء بقيم الرياضة والقضاء على الفساد عبر تعضيد أسس النزاهة وتعشيقها مع مصالح وسياسة الدول المتعلّقة بشؤون رياضية لشريحة واسعة من ممارسيها الهواة والمحترفين، وكان الخبير الرياضي محمد هادي قد تناول تفاصيل موسّعة عن الموضوع في حديثه لـ(المدى) يوم السبت الموافق 29 تموز 2017.
وثانياً، لمصلحة مَنْ يتم تصعيد الأزمة، وأية استغاثة ينشدها رئيس اتحاد كرة القدم عبدالخالق مسعود دون علم نصف زملائه في مجلس الإدارة التنفيذي كلما تعرّض اتحاده الى هزّة عنيفة يبادر للتوجّه الى رئيس الحكومة شعوراً منه بالخطر، ألا تلزمه السياقات ليطلب التباحث مع رئيس اللجنة الأولمبية ثم وزير الشباب والرياضة للدفاع عن موقفه وتفنيد الاتهامات ببيانات صريحة من خلال الحوار والتفاهم بدلاً من ترك أطراف تعشق الدبكات في الأزمات بقوة وهي تمسك المناديل البيض، متملّقة لتزكية فلان ومتعصّبة لتعرية علان !
هذا الأمر مخجل جداً ، ويمثل آخر مراحل سقوط الرياضة على يد أنفار لا يطيقون العيش خارج مناخ النفاق والفساد، وهؤلاء هم من يستحقون الضرب بيد من حديد ويركلون بعيداً عن الرياضة.