علي حسين
منذ أن خرج علينا خضير الخزاعي ليعلن بصوت عالٍ" : إنه لا يسعى للمنصب لكنه تكليف شرعي وعليه تنفيذه"، ومسؤولينا الأكارم يعتقدون إن المناصب هبة سماوية وليست وظيفة يحاسب عليها المسؤول عندما يقصر، بالأمس أعاد لنا السيد فالح الفياض مستشار الأمن الوطني هذه الإسطوانة وهو يعلق على قرار إعفائه من مناصبه قائلا إن :"كل المناصب التي أخذتها لاقيمة لها، كلها بدرجة وزير"، والرجل مشكوراً لم يفتّه أن يطمئن الشعب العراقي الذي خرج يهتف بالساحات باسمه بأنه باق في منصبه ولا يهمه ما يقرر العبادي، فهو جاء للمنصب بحسب معتقداته وفهمه الديني، وليس بحسب أوامر تصدر من الحكومة التي يعمل فيها، ولهذا كان لابد أن تصدر بيانات تحذر الشعب من التخلي عن الفياض ل، أن غيابه عن الساحة سيُعيد الفوضى الأمنية، وسيُضعف العراق.
عزيزي القارئ وأنتَ تستمع لحديث الفياض أتمنى عليك أن تُنعش ذاكرتك بأن عشرات المسؤولين قالوا لنا إنهم لايطمحون إلى المناصب،، منهم من لم يستطع تحمل مساءلته عن دوره في الخراب فأخبرنا مثل السيد بهاء الاعرجي إن المناصب تحت"قندرته".
ظل السيد"المكلف شرعا"هو النموذج السائد في مؤسسات الدولة، وهو تعبير حقيقي عن الحالة السياسية، ولهذا وجدنا ألف ألف من"مكلف شرعي"في مجالات عديدة وليس فقط في السياسة، ولم نكن نحتاج مجهوداً كبيراً حتى نجدهم في كل مكان، فقد طفحت شاشات الفضائيات طوال السنوات الماضية بعدد لا بأس به من هذه النماذج التي تظهر كلما احتدم الصراع على المناصب والمكاسب، لتجدهم يقفون بالمرصاد لكل من تسول له نفسه الاقتراب من قلاعهم الحصينة.
في كل دول العالم يسبق المسؤول، مستشاروه. فيما المسؤول العراقي يصل من"الحزب والعشيرة"وهو يدّعي ختمه لعلوم الأرض والسماء. ويعتقد إن التفويض الذي منحته له الناس في صناديق الاقتراع، يسمح له أن يتجاهل معايير الكفاءة، وأن يكون الانتماء الحزبي وحده هو معيار اختيار رجال الدولة، فنجده يختار المنتمي لحزبه أولاً، ثم المنتمي لعشيرته، ثم المنتمي إلى الأحزاب المؤيدة له، وهو ما حذّر منه مهاتير محمد باني ماليزيا الحديثة حين قال:"قد لا تنتج الانتخابات وصول أفضل المرشحين إلى السلطة،، فنرى كيف يطلق حزب حملته من أجل أن تُدلي الناس بأصواتها لمن ليس لديه القدرة على القيادة، ولكن لمن هم محتالون بدرجة تكفي لخداع الناس."