TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: للتذكير.. لسنا محميّة إيرانيّة!

شناشيل: للتذكير.. لسنا محميّة إيرانيّة!

نشر في: 13 أغسطس, 2018: 12:00 ص

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

مفهوم أن يبدو كبار المسؤولين الإيرانيين هذه الأيام في حال شديدة من الخوف والتطيّر وعدم التوازن، فالعقوبات الأميركية الجديدة التي بدأت واشنطن بتنفيذها ضد طهران ليست مزحة أو استعراضاً للعضلات.. إنها عقوبات قاسية في الواقع على النظام الإيراني والشعب الإيراني سواء بسواء.
نحن في العراق ندرك، ربما أكثر من غيرنا، وطأة عقوبات من هذا النوع، فالعقوبات التي فُرِضت على بلادنا وشعبنا بعد جريمة غزو الكويت كانت قاصمة للظهر، آثارها وعواقبها تتواصل حتى اليوم، ومنها أن مقاليد الأمور في البلاد قد وُضعت في أيدي مجاميع من سرّاق المال العام ومزوّري إرادة الشعب بدعم وتمكين من الولايات التي كانت وراء فرض تلك العقوبات.
نعم من المفهوم أن يكون كبار المسؤولين الإيرانيين في حال العُصاب، لكن ليس مقبولاً أن يدفعهم هذا للتعامل مع العراق كما لو كان محميّة إيرانيّة ومع مسؤولي الدولة العراقية كما لو أنهم عناصر في واحدة من سرايا فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني.
على مدى سنوات اعتاد مسؤولون في النظام الإيراني التجاوز على العراق ودولته وعلى الشعب العراقي من دون أن يتحرّك أيّ من كبار مسؤولي الدولة العراقية ليحتجّ، أو أقلّه يعترض. ومنذ بضعة أشهر أثارت تصريحات غير لائقة وغير مهذبة لبعض المسؤولين الإيرانيين ردود فعل قوية في أوساط سياسية وثقافية واجتماعية عراقية، وكنّا نأمل أن تعالج طهران عقدتها تجاهنا وتبدأ بالتعامل معنا على نحو مختلف يكرّس حقوق الجيرة ويراعي مبادئ السيادة والاستقلال الوطنيين، بيد أننا وجدنا موقفاً غير ذلك في الأيام الأخيرة، فالمسؤولون الإيرانيون يصرّون على التدخل في الشأن الداخلي العراقي بالتحامل على الحكومة العراقية التي أعلنت أنها تجد نفسها مضطرة للالتزام بالعقوبات الأميركية على إيران. ولم يشفع للحكومة لدى الإيرانيين أنّ رئيسها أعلن صراحة عدم تأييده للعقوبات وتحذيره من عواقبها المحتملة التي يمكن أن تطول الشعب الإيراني دون النظام كما حصل في العراق في تسعينيات القرن الماضي. أكثر من ذلك أن بعض المسؤولين الإيرانيين سعى للابتزاز بمطالبة العراق بدفع ما يسمونها تكاليف الحرب العراقية - الإيرانية التي كانت خسائر وأضرار العراق فيها أكبر وأفدح.
لإيران نفوذ قويّ في العراق. هذا أمر لا يمكن لأحد إنكاره أو إغفاله، وهو متأتٍّ في المقام الأول من وجود قوى سياسية نافذة في الدولة وجماعات مسلحة موالية لطهران ،تتلقّى منها المال والسلاح. هؤلاء بالذات عليهم الإدراك بأنّ من مصلحتهم ومصلحة إيران ألّا يتمادى المسؤولون الإيرانيون في استفزاز العراقيين واستثارة وطنيتهم بما يجعلها في عداء مع الجارة الشرقية.
من غير المعقول أن يُراد للعراقيين التضحية بأنفسهم من أجل إيران، وهم في الأساس لم يبق لهم شيء يُمكن أن يستغنوا عنه بعدما نُهبت ثروتهم على أيدي القوى المتنفّذة في السلطة، ومعظمها ممّن له أوثق العلاقات مع إيران وموالٍ لنظامها..!
بدلاً من مساعي الإملاء الإيرانية على الدولة العراقية، وبدلاً من التجييش من قبل الموالين لإيران في سبيل إقحام العراق في الحرب الاقتصادية إلى جانب إيران، المجدي أكثر أن تسعى إيران لتوسيط العراق مع الولايات المتحدة لفتح نافذة حوار بين واشنطن وطهران بحثاً عن حلّ سياسي سلمي لمشاكلهما.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: صنع في العراق

 علي حسين اخبرنا الشيخ همام حمودي" مشكورا " ان العراقي يعيش حاله من الرفاهيه يلبس أرقى الملابس وعنده نقال ايفون وراتبه جيد جدآ ، فماذا يحتاج بعد كل هذه الرفاهية. وجميل أن تتزامن...
علي حسين

قناطر: في البصرة.. هذا الكعك من ذاك العجين

طالب عبد العزيز كل ما تتعرض له الحياة السياسية من هزات في العراق نتيجة حتمية لعملية خاطئة، لم تبن على وفق برامج وخطط العمل السياسي؛ بمفهومه المتعارف عليه في الدول الديمقراطية، كقواعد وأسس علمية....
طالب عبد العزيز

تشكيل الحكومة العراقية الجديدة.. من يكون رئيس الوزراء؟

إياد العنبر يخبرنا التراث الفكري الإسلامي بأن التنظير للسلطة السياسية يبدأ بسؤال مَن يحكم؟ وليس كيف يحكم؟ ولعلَّ تفسير ذلك يعود لسؤالٍ مأزومٍ في الفقه السياسي الإسلامي، إذ نجد أن مقالات الإسلاميين تبدأ بمناقشة...
اياد العنبر

هل الكاتب مرآةً كاشفة للحقيقة؟

عبد الكريم البليخ لم يكن الكاتب، في جوهره، مجرد ناسخ أو راوٍ، بل كان شاهداً. الشاهد على لحظةٍ تاريخية، على مأساةٍ إنسانية، على حلمٍ جماعي، وعلى جرحٍ فردي. والكاتب الحقيقي، عبر العصور، هو ذاك...
عبد الكريم البليخ
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram