TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شناشيل: المندسّون الحقيقيّون في تظاهرات البصرة

شناشيل: المندسّون الحقيقيّون في تظاهرات البصرة

نشر في: 8 سبتمبر, 2018: 02:23 م

adnan.h@almadapaper.net

 عدنان حسين

نعم، يتبيّن الآن على نحو جليّ لا يُمكن لأحد إنكاره أنّ هناك مندسّين قد تغلغلوا في صفوف المتظاهرين في البصرة، وسعوا بكلّ ما أوتوا من قوة لتوجيه التظاهرات نحو مسار غير مسارها الاحتجاجي على انهيار نظام الخدمات العامة وتفشّي الفساد الإداري والمالي وشحّ الماء، ومن أجل الإصلاح التام الشامل في بنية الدولة والعملية السياسية الفاشلة المعتمدة منذ 2003.
لكنَّ هؤلاء المخرّبين الذين ظهروا في الأيام الأخيرة فقط هم ليسوا أؤلئك الذين تحدّث عنهم من دون دليل بعد أيام من انطلاق الاحتجاجات، رئيس الوزراء ووزير الداخلية وسواهم من كبار المسؤولين في حكومة بغداد والحكومة المحلية في البصرة. أولئك المندسّون لم يكن لهم وجود في الواقع، مثلما لم يكن هناك مندسّون بعثيون ومن القاعدة في احتجاجات 2011، على وفق الاتهامات التي وجّهها يومها رئيس الوزراء آنذاك نوري المالكي وعدد من مساعديه في سبيل تشويه الحركة الاحتجاجية والتعتيم على مطالبها الدستورية المشروعة وتبرير قمعها بالقوة الغاشمة.
المندسّون نفذوا إلى تظاهرات البصرة في الأيام الثلاثة الأخيرة فقط... هم كانوا يحملون الأسلحة الخفيفة والمتوسطة بما فيها المتفجّرات ويركبون السيارات ويحظون بالحماية، وكانوا أيضاً يدمّرون ويحرقون المؤسسات الحكومية وبخاصة الأقسام التي تحتوي على وثائق تثبت فساد الفاسدين في المحافظة. كما كانوا يوجّهون نيرانهم إلى المتظاهرين وعناصر القوات الأمنية على حد سواء في سبيل خلط الأوراق وإثارة الطرفين ضد بعضهما البعض.
هؤلاء المندسّون لابدّ أن يكونوا على صلة بجماعات مسلّحة خارجة على القانون، وإلّا ما كانوا سيجازفون بفعل ما فعلوه. كانت لهم ولمن وراءهم مصلحة في إحراق الأخضر واليابس من أجل تهيئة المسرح لتدخّل الجماعات المسلحة غير الشرعية وفرض سيطرتها على البصرة والمدن الأخرى، وليس من المستبعد أن تكون هذه الجماعات قد أمّلت نفسها بدعم من خارج الحدود.
هؤلاء المندسّون كان يتعيّن على الحكومة وأجهزتها أن تحسب لهم الحساب وتأخذ بالها منهم وأن تحاصرهم في الحال لإفشال مخطّطهم الجهنّمي.. هذه مهمة الأجهزة الاستخبارية بالدرجة الأساس، وقد قصّرت هذه الأجهزة في واجبها على هذا الصعيد ما يستدعي مساءلتها ومحاسبتها مثلما جرت مساءلة ومحاسبة قيادات العمليات والشرطة.
اهتمّ المسؤولون في الحكومة الاتحادية والحكومة المحلية بالبحث عن"مندسّين" لا وجود لهم في الواقع لإلقاء اللوم عليهم وتبرير أعمال القمع التي طالت المتظاهرين في تلك الأيام، فكان أن استغلّ المندسّون الحقيقيون الفرصة للدخول على خط الاحتجاجات السلمية والعبث بالأمن.
كم من الوقت وكم من المرّات تحتاج الحكومة وأجهزتها لكي تتعلّم، فلا ترتكب الأخطاء المرّة بعد الأخرى؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram