TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > العمود الثامن: دموع العيداني وصراخ العبادي

العمود الثامن: دموع العيداني وصراخ العبادي

نشر في: 8 سبتمبر, 2018: 02:52 م

 علي حسين

هناك قاعدة تقول حين تذهب إلى السيرك، فمن العبث أن تستدعي المنطق لتقييم حركات العارضين البهلوانية، ولهذا سأظلّ أقول وبلا تردُّد، ليس أكثر بؤساً من برلمان يجعل معركته من أجل أهالي البصرة، أشبه بلعبة سيرك على الحبال، هرباً من التصدّي الجاد للمشكلة، ليجد المواطن نفسه بمواجهة قوى سياسية فاسدة من جذورها، لاتزال تواصل الرقص على دماء أهالي البصرة.
عندما نشاهد الفضائيات نكتشف أنّ زمن الكومبارس والقرقوزات انقرض في العالم، لكنه لايزال يواصل عروضه بنجاح في العراق، بالتاكيد نحن لا نحلم بدولة مثل كوريا الجنوبية تسجن رئيستها ربع قرن،لأنها اتُّهمت بتبذير بضعة الآف من الدولارات، ولا نطمح بقضاء مثل القضاء الفرنسي الذي أجبر الرئيس السابق جاك شيراك أن يقف أمام المحكمة وهو في عمر الثمانين عاماً، ولا نسعى لبلدان مثل بريطانيا أسقطت أقوى رئيسة وزراء في تاريخاها واعني مارغريت تاتشر.
منذ أحداث البصرة والقوى السياسية تمارس طنيناً مضحكاً، وكأنّ حيدر العبادي جادّ في معالجة أزمة البصرة، وأن تيار الحكمة يسعى لتقديم كلّ ما لديه من أجل أهالي المدينة، وأن دولة القانون لا ينام أعضاؤه قبل أن يحصل مساكين البصرة على حقوقهم، وأن سائرون ستعطل المراكب السائرة،لأنها مهمومة بثغر العراق، والفضيلة تصرخ، والمجلس الأعلى ينوح، والوطنية تشكو للعالم هموم البصرة، والنجيفي والمطلك والخنجر قرروا أن لايشربوا الماء قبل أن يرتوي ظمأ أطفال البصرة، وتحولت أزمة البصرة إلى عرض صراع خطب شوارع، وتمّ رسم خريطة هزلية لعمليّة الإنقاذ، ونسي الجميع أنّ ألعاب السيرك في البرلمان لا تصنع سوى الخراب. التنمية والعدالة الاجتماعية يصنعها الوطنيون وذوو النيات الخيرة وأهل العمل البنّاء. راقصو السيرك لاهمّ لهم سوى الضحك على الجمهور والسعي الى إشغاله بألعاب مثيرة.
بالأمس حاول السادة البرلمانيون أن يخدعوا العراقيين، بأن حيدر العبادي شيء، ومحافظ البصرة شيء آخر، ونجدهم ينشطون في ترويج نكتة أخرى، تقول إن الفريق الركن رشيد فليح بطل الخراب الذي جرى في الأنبار قبل سنوات، سينتشل البصرة من الفوضى التي تسبب بها زميله في الأركان جميل الشمري بطل قنص المتظاهرين.
إن الفرق بين العبادي والعيداني هو نفسه الفرق بين أحمد الجبوري وسليم الجبوري، ومثل الفرق بين الحكيم والمالكي، كلهم يجتمعون على مائدة واحدة، صنعت من آلام ومعاناة العراقيين، فلا تنخدع عزيزي المشاهد بهذه الدراما المثيرة التي عرضت على قاعة البرلمان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

العمود الثامن: صنع في العراق

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

 علي حسين عاش العلامة المرحوم محسن مهدي ينقب ويبحث في كتب التراث ويراجع النسخ المحفوظة في مكتبات العالم من حكايات ألف ليلة وليلة، ليقدم لنا نسخته المحققة من الليالي، يقول لنا فيها إنّ...
علي حسين

باليت المدى: شحذ المنجل

 ستار كاووش مازال الوقت مبكراً للخروج من متحف الفنانة كاتي كولفيتز، التي جعلتني كمن يتنفس ذات الهواء الذي يحيط بشخوص لوحاتها، وكأني أعيش بينهم وأتتبع خطواتهم التي تأخذني من الظلمة إلى النور، ثم...
ستار كاووش

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

محمد الربيعي يضع العراقيون امالا كبيرة على التشكيلة الوزارية الجديدة، المرتقب اعلانها قريبا، لتبني اصلاحات جذرية في مؤسسات الدولة، وعلى راسها التعليم العالي. فهذا القطاع الذي كان يوما ما منارة للعلم والمعرفة في المنطقة،...
د. محمد الربيعي

التكامل الاقتصادي الإقليمي كبنية مستدامة للواردات غير النفطية

ثامر الهيمص المرض الهولندي تزامنت شدته علينا بالإضافة لاحادية اقتصاديا كدولة ريعية من خلال تصدير النفط الخام مع ملف المياه وعدم الاستقرار الإقليمي. حيث الاخير عامل حاسم في شل عملية الاستثمار إجمالا حتى الاستثمار...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram