سلام خياط
أذكر ذلك اليوم — كأنه البارحة — رغم أن عمره تجاوز الخمسين عاماً ، يوم كتبت نصاً ، وأزمعت التوجه لمبنى جريدة الجمهورية إلتماساً للنشر ،، دلفت البناية ، وطلبت مقابلة سكرتير التحرير،
قرأ صادق الأزدي ما مكتوب بالأوراق ، عدل نظارته ، خلعها ، مسح زجاجتها ، أعادها لأرنبة أنفه ، ثم رمقني شزراً — هكذا فسرت نظرته — قال بحنو أب : يا إبنتي الإقتباس شيء و الإنتحال شيء آخر .. وقد يقاضيك كاتب المقال الأصلي لو قرأ مقاله منشوراً تحت إسم آخر ..و….
داهمتني عبرة اخفيتها بعسر شديد ،، قلت له بصوت مرتعش ::والله أنا من كتب النص ، لم أنقله من أحد ، ولم ….. قاطعني — ربما اشفق على هذي الغريرة — بآن قام من كرسيه ،، وهمس :: ظلي جالسة ريثما أعود . فتح باباً موارباً ، وإختفى ،،، لم أكن أدري أن الغرفة الأخرى لرئيس التحرير ،، ما هي الا دقائق — حسبتها دهراً — حتى عاد الأزدي ، ودعاني لمقابلة فيصل حسون .رئيس التحرير ، آنذاك .
اختلجت عيوني وإرتعشت أوصالي — والله العظيم —ولم أملك إلا أن اتبعه مذعنة .
استقبلني (حسون )بترحاب مشوب بتحفظ ، وسآلني :: آانت من كتب النص ؟ آجبته بثقة : نعم . لكنه أعاد علي ما سبق أن سمعته من صادق الأزدي حول الإنتحال — سماه سرقة — عاودتني الرجفة وأنا اقسم له بالله العظيم بأنني كاتبة النص ..
ربما راودته شفقة على هذي الغريرة (( كنت قصيرة القامة ، مفتقرة للجمال المطلوب ، خالية الوجه من المساحيق )). قال : هل بإمكانك كتابة نص جديد الآن ؟؟ سآلته :: عما يريد أن أكتب ؟؟ قال : ما شئت إكتبي ،
وجدتني أغرق في عرق حيرتي و لم أجد ما اكتبه سوى عن مقابلتي لسكرتير التحرير … شتمته بأدب جم ،، وصفته وهو يخلع نظارته ، وهو يمسح زجاجها ، وهو يعيدها لأرنبة أنفه ، وهو يحذرني من مغبة السرقة بإسمها المهذب :: الإنتحال .قرأ فيصل حسون ما كتبت ،، ورفع عينه عن الورقة ، وفاجأني بسؤال مصيري :— متى تبدئين ؟؟
……..
هذه كانت بدايتي مع السطور الآخيرة في جريدة الجمهورية الغراء ،، ولسنوات عديدة .