علي حسين
ردّدتُ مع نفسي وأنا أشاهد محمود المشهداني يطلّ من إحدى الفضائيات :"إذا بليتم فاستتروا"ولأنّ شرّ البليّة ما يضحك، وشرّ السياسة السذاجة.. وفي الساحة السياسية العراقية الكثير من المضحكات التي تستحقّ أن نذرف الدمع، حزناً على بعض العاملين في حقل السياسة وتصرفاتهم، واكتئاباً من مواقفهم غير الناضجة، ورفضاً لسلوكهم الذي لا يحترم الناس، فالناس في النهاية يريدون سياسيين حقيقيين يسعون لخدمة العراق وليس سياسيين يُصنّفون في خانة"البليّة".
ليس لديَّ موقف شخصي من الدكتور محمود المشهداني الذي اشتهر بتعليقاته الغريبة في البرلمان والتي أدت إلى إقالته، فالرجل دائما ما يقحم نفسه في مجال التنظير السياسي بعد أن فاته التميّز في مجاله كطبيب، ولا اُريد أن أتحدث عن إخفاقه كسياسي.
هنا أنا أرصد الحالة من خلال حديثه الأخيرالذي كشفت لنا كيف أنّ المشهداني فاته أن يدرك أنّ السياسي هو مجموعة محصلات من الموهبة والقدرة والخبرة والتفاعل المستمر، وهو كذلك تعبير عن فئة قبل أن يكون تجسيداً لطموح شخص، السياسي الذي يعبّر عن رغباته فقط يبقى معلَّقاً في الهواء الطلق، ومن ثم حين تعصف به عبارة أو كلمة فإنه لا يتحمل نفخة، ويعتزل ويعتذر، مثلما حدث للمشهداني حين خرج عن طوره في مجلس النواب ثم أخذ يعتذر للحفاظ على ما تبقى له من راتب، ولكن يبدو أنّ المشهداني اليوم ليس عنده ما يخسره، فقرر أن يتفرغ لتأسيس نمط جديد من السياسة شعاره"يرّادلها بخت"وهو الشعارالذي أطلقه لمساندة السيد نوري المالكي لكي يعود إلى كرسي رئاسة الوزراء وبرّر مطالبته هذه بطريقة كوميدية حيث قال لمحاورته :"لإنه"شبع أخطاء وبعد ميخطأ"ثم يضرب لنا الطبيب المشهداني مثلا :"إذا أخطأ طبيب وقطع شريان مريض بدلاً من أن يقطع له المصران، مرة ثانية مِن يسوّي عمليّة مراح يقطع الشريان لأن اتعلّم"!، لا أدري عن أية أخطاء بسيطة يتحدث المشهداني والتي تعلّم منها ساستنا الافاضل..هل هي سرقة أموال الشعب والزواج الحرام بين السلطة والثروة في العراق بالتزوير والرشوة والعبث بمقدرات الناس؟!
ولا أعرف إذا كنا نعيش عصر الافذاذ كما قال المشهداني، فما معنى أن أكثر من ربع العراقيين تحت خط الفقر، وما معنى أن يحصل المشهداني على تقاعد يصل الى الاربعين مليون دينار في الوقت الذي تحرم الأرامل والأيتام من الفتات؟ الإجابة سنجدها في"مصران"المشهداني الذي ظل لسنوات يشتم نوري المالكي ويحمله مسؤولية الخراب.