TOP

جريدة المدى > عام > أصداء مؤتمر المترجمين الدولي بموسكو

أصداء مؤتمر المترجمين الدولي بموسكو

نشر في: 15 سبتمبر, 2018: 06:52 م

موسكو – عبدالله حبه

عقد مؤتمر المترجمين الدولي الخامس بموسكو في فترة 6 – 9 أيلول 2018 تحت شعار " الترجمة الأدبية كوسيلة للدبلوماسية الثقافية " بمشاركة حوالي 400 مندوب من 60 بلداً. وكان المؤتمر الأول قد عقد في عام 2010 بمشاركة 150 مندوباً من 20 بلداً.
وقد تنامى الإهتمام بترجمة الأدب الروسي إلى اللغات الاجنبية في الأعوام الأخيرة بعد أن لوحظ غياب التراجم الأدبية الروسية بعد زوال الإتحاد السوفيتي ، الذي كان ينفق الأموال الطائلة على الترجمة ونشر الكتاب الروسي في بلدان العالم. وتعرف في العالم العربي الكتب الصادرة عن دور " التقدم " و"رادوغا" و"مير" السوفيتية ، وتقوم بعض دور النشر العربية حالياً بإعادة طبعها. والآن أدركت السلطات الروسية إن سمعة البلاد ذات التاريخ الثقافي الثري بدأت تتدهور في هذا المضمار. فلجأت الى تأسيس معهد الترجمة بموسكو الذي يقدم حالياً الدعم المالي الى دور النشر الأجنبية التي تنشر أعمال الأدباء الروس الكلاسيكيين والمعاصرين على حد سواء. علماً أن العامل الإيديولوجي قد زال في تقييم هذه الأعمال ، حيث تدعم الدولة الروسية ترجمة أعمال حتى الأدباء المعارضين لسياسة الدولة.
وعقد المؤتمر في آن واحد مع إفتتاح معرض الكتاب الدولي بموسكو . ويلاحظ ضعف المشاركة العربية في هذين الحدثين الثقافيين الكبيرين . فقد شارك في المؤتمر ثلاثة مندوبين من العراق (ضياء نافع ، تحسين عزيز ، عبدالله حبه) وإثنان من مصر ( مكارم الغمري ومحمد نصر الجبالي ) وواحد من سوريا (ثائر زين الدين). بينما لم يشارك في معرض الكتاب الدولي سوى مصر والإمارات وقطر وسوريا والكويت ، وكانت المشاركة رمزية حيث كان عدد الكتب المعروضة في أجنحة هذه الدول قليلاً جداً ولم تعرض أية كتب للبيع.
وفي إفتتاح المؤتمر تحدث المندوبون عن دور الترجمة كوسيلة للدبلوماسية الثقافية وتحديات الزمن ، وعن الإحتفال في هذا العام بمناسبات ثقافية هامة تتعلق بيوبيل كل من تورجينيف وتولستوي وغوركي وماياكوفسكي وسولجينتسين. وقد صدرت بهذه المناسبات طبعات خاصة من أعمالهم وأقيمت الندوات والقراءات عن أعمالهم.كما أشاروا الى أهمية تعزيز العلاقات الإنسانية وتبادل الأفكار والمعارف والأعمال الإبداعية في الزمن المعاصر ، فبدون ذلك لا يوجد مجال للتفاهم بين الأفراد والشعوب. ويمارس الأدب الروائي دورا متميزا في هذه المضمار. والمترجم هو الوسيط بين القراء في مختلف البلدان حيث يمارس في الواقع دور الدبلوماسي الثقافي.
وحاولت إدارة المؤتمر إبعاد السياسة والأحداث السياسية عن المؤتمر الذي يعالج القضايا المهنية للمترجم بالدرجة الأولى وبالاخص المشاكل التي تواجه المترجم من اللغة الروسية وعلاقته بالناشر وبالمدقق وهلمجرا. وقال يفجيني ريزنيشينكو مدير معهد الترجمة بموسكو إن المعهد تلقى بيانات عديدة ذات صبغة سياسية ، ونصح كتابها بالذهاب لعرض أفكارهم في الساحة الحمراء أو غيرها من الميادين العامة في المدينة .
وجرت المناقشات في اللجان حيث ناقشت اللجنة الأولى موضوع " النثر الشعري والشعر المنثور والمستجدات في الترجمة بهذا المجال" ، بمشاركة مترجمين من فرنسا وروسيا وأذربيجان وأيطاليا وصربيا. بينما نوقشت في اللجنة الثانية موضوع " الشعر المنثور والنثر الشعري – الحل الوسط "بمشاركة مترجمين من روسيا والولايات المتحدة واسبانيا والصين واليابان والمجر واوكرانيا ومصر . وأشار المندوب المصري محمد نصر الجبالي الى صعوبات الترجمة من الروسية الى العربية ومن العربية الى الروسية.
وبحثت في اللجنة الثالثة مسألة الأدب المسرحي المكتوب شعراً ونثراً . وتناولت مكارم الغمري (عميدة كلية الألسن في مصر)مسألة دور الترجمة في تطور المسرح المصري . بينما تناول بيير بكاريتي(فرنسا) علاقة مترجم الأدب المسرحي بالمخرج. وكرست اللجنة الثالثة عملها لموضوع ترجمة أدب الأطفال ، وشارك في المناقشة مندوبون من روسيا وكوريا وجورجيا وكازاخستان. وبحثت في اللجنة الخامسة قضية "علاقة المترجم بالناشر : تحالف أم خصام". وتحدث فيه ثائر زين الدين مدير الهيئة العامة للكتاب(سوريا) عن تقديم وزارة الثقافة في بلاده الدعم الى المترجمين ودور مؤسسته في ترجمة الأدب الروسي الى اللغة العربية وذلك من أجل إنقاذ المترجم من تعسف بعض الناشرين. وتحدثت أرينا لونا (كولومبيا) عن دور المهاجرين الروس بأمريكا اللاتينية في نشر الأدب الروسي هناك. بينما تحدث هونبو تشان (الصين)عن حقوق المترجم والناشر في بلاده. وتحدث عبدالله حبه عن دور الدولة في دعم الترجمة في سنوات وجود الإتحاد السوفيتي حيث كان المترجم يحصل على إمتيازات كثيرة . ثم تطرق الى معاناة المترجمين العرب حاليا حيث أن الناشر يتعامل مع المترجم بإعتباره أحد أدوات تجارته وكثيرا ما لا يحصل المترجم على مكافأة تعادل ما يلقاه من معاناة في الترجمة.
وفي لجنة "اللغات الكبرى والصغرى" تحدث مندوبو روسيا واسبانيا واوزبكستان وجورجيا وقيرغيزستان عن خبرة ترجمة الأدب الروسي الى لغات هذه البلدان. وتحدث المندبون من روسيا والبرتغال والعراق والمجر وبلغاريا وسلوفاكيا وايطاليا في اللجنة السابعة بعنوان " ورشة المترجم "عن خصوصية ترجمة النصوص الشعرية والنثرية من اللغة الروسية . وتناول يان تشونلاي ( الصين ) موضوع البحث عن التوازن المثالي بين روح الفن والمبادئ العلمية. وذكر د.ضياء نافع (مندوب العراق) ما يلاقيه المترجم لدى ترجمة الشعر من اللغة الروسية الى العربية وأورد أمثلة كثيرة من تجاربه في هذا المجال. وأوردت إيفا باتكوش ( المجر) ملاحظاتها حول ترجمة كتاب بيرديايف" الروح والواقعية " الى اللغة المجرية. وتناول د. تحسين رزاق عزيز (العراق) موضوع خصوصية التعابير الروسية القديمة وكيفية ترجمتها الى اللغة العربية من تجربته لدى ترجمة رواية يفجيني فودولازكين "لاوروس".
وجرت على هامش المؤتمر لقاءات مع كتاب من روسيا وبريطانيا وفرنسا.
وفي ختام المؤتمر جرى الإحتفال بجائزة مسابقة "إقرأ روسيا" التي يقيمها معهد الترجمة بموسكو بدعم الوكالة الفيدرالية للصحافة والعلاقات العامة بروسيا. وقدم في المسابقة 48 كتاباً . وضمت هيئة التحكيم مجموعة من الكتاب والمترجمين من مختلف البلدان بينهم تحسين رزاق عزيز (العراق). وفازت المترجمة الفرنسية آن كولديفي-فوكار بالجائزة الأولى في ترجمة الأعمال الأدبية في القرن العشرين عن ترجمة كتاب الكسندر سولجينتسين " نيسا عام 1917". بينما منحت جائزة تقديرة الى عبدالله حبه لقاء ترجمة رواية "الحرس الأبيض" لميخائيل بولجاكوف. كما منحت جوائز الى الفائزين في ترجمة الأعمال الشعرية والنثرية في القرن التاسع عشر ، والأعمال الأدبية للكتاب المعاصرين.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

مقالات ذات صلة

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة:  صفقة مع الخطر
عام

الاعتياد على مسالك الحياة السهلة: صفقة مع الخطر

ألِكْس كورمي* ترجمة: لطفية الدليمي بينما أكتب الآن هذه الكلمات يرسلُ هاتفي النقّالُ بطريقة لاسلكية بعضاً من أعظم ألحان القرن الثامن عشر (مؤلفها الموسيقار العظيم باخ لو كنت تريد معرفة ذلك!!) إلى مكبّر الصوت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram