أفادت أخبار عراقية بأن آية الله العظمى السيد بشير حسين النجفي قد قال في خطبة ألقيت نيابةً عنه أن "الأمن مفقود في البلاد والهجمات الإرهابية مستمرة وحالات هروب السجناء تتكرر والقتلة يسرحون في الشوارع والأموال العامة تضيع ونسبة البطالة مرتفعة، فـأين تذهب الأموال؟"
يقول السيد النجفي إن من حق الشعب أن يطرح هذا السؤال، ويضيف أن البطاقة التموينية قد ابتليت مؤخرا بنقص في المواد الغذائية.
في الواقع إن البطاقة التموينية كانت تتعرض إلى تقليص المواد في كل عام حتى انتهت إلى ما هي عليه الآن من المواد الأساسية فقط (الطحين والسكر..الخ) وليس هناك عذر في عدم توفيرها.
يقول السيد النجفي إن هناك فسادا ماليا وإداريا في ما يتعلق بالبطاقة التموينية، ومع أن هذا يعتبر سببا للتخوف وضرورة اتخاذ إجراءات تأديبية إلا انه ليس سببا لإلغاء البطاقة. إن القول بضرورة إلغاء البطاقة التموينية هو حجة كاذبة مبنية على أدلة واهية. على موقعه في الشبكة، قال السيد النجفي بان إلغاء البطاقة ستكون له عواقب وخيمة. إذا كان الفساد يشكل مشكلة فان ذلك يؤكد فشل حملة محاربة الفساد، وطالب السيد بتفسير سريع لقرار إلغاء البطاقة. ان فشل حملة محاربة الفساد يمكن إرجاعه إلى الوقت الذي غضب فيه المالكي بسبب خروج العراقيين إلى الشوارع بأعداد كبيرة بداية عام 2011، حيث أعطى المالكي وعودا كثيرة في محاولة للتمسك بالمنصب. الشعب العراقي لديه الكثير من المطالب والشكاوى التي لها ما يبررها؛ فهناك نقص في فرص العمل وفي الخدمات العامة مثل الكهرباء والماء الصالح للشرب...الخ، وهناك الكثير من المواطنين الذين اختفوا في دهاليز منظومة العدل العراقية، كما ان هناك ايضا قضية مهمة وهي ان الشعب قد صوّت دون ان يتغير شيء في البلاد. فرغم نتيجة انتخابات آذار 2010 ( التي جاءت فيها القائمة العراقية أولا ودولة القانون ثانيا) فقد تم التجاوز على تصويت الشعب، وبقي المالكي رئيسا للوزراء. فلماذا صوّت الشعب إذن؟ لقد اعطى المالكي مئة يوم؛ يواجه فيها الفساد ويحل مشكلة البطالة. جاءت المئة يوم وولت ولم يحصل شيء. المالكي يلعب مع كل مشكلة، مما يعني انه يرفض مواجهتها ويؤجلها إلى وقت لن يأتي أبداً، انه يأمل إنهاك منافسيه وإنهاك الشعب العراقي، فهذا هو النمط الذي يسير عليه منذ 2006.
مع معارضة دولة القانون للجهود الرامية إلى تحديد ولاية رئيس الوزراء بدورتين، من الغريب أن نتفاجأ بمقترح إلغاء البطاقة التموينية، ومن الغريب أيضا سكوت مارتن كوبلر عن هذه القضية. لكن مع صمت كوبلر فان الأمم المتحدة قلقة جدا بشأن هذا المقترح.
كان العراقيون يستخدمون البطاقة التموينية للتصويت في كل الانتخابات منذ الاجتياح الاميركي عام 2003 اذ ان هذا هو نظام التصويت المعمول به. ليس هناك ما يحل محل البطاقة، لكن مع ذلك فقد اعلن الناطق باسم رئيس الوزراء بان البطاقة سيتم إلغاؤها. البطاقة التموينية هي بمثابة قائمة الناخب وهويته في الوقت نفسه، وخلال أشهر ستجري انتخابات مجالس المحافظات وفي 2014 ستجري الانتخابات البرلمانية ومع ذلك لم تجر مناقشة الكيفية التي سيتم بها التصويت – التسجيل والهوية – بدون البطاقة التموينية. لا يمكن بأية حال من الأحوال إلغاء البطاقة وعدم استبدالها بشيء آخر لأن ذلك سيحرم آلاف العراقيين بل الملايين من الذين سيبلغون الثامنة عشرة من العمر بحلول انتخابات 2014.
من الحماقة أن يسمح العراقيون للمالكي بتدمير نظام التصويت الذي تستخدم فيه البطاقة التموينية دون بيان ما الذي سيحل محلها. لقد قاتل المالكي في كل الانتخابات – مجالس المحافظات والبرلمانية - ويريد تولي دورة رئاسية ثالثة. لا يظن البعض انه لم يحسب كيف سيحصل عليها. ففي عام 2010 استخدم هيئة المساءلة والعدالة في محاولة لشق طريقه، البعض يخشى من انه قام بترهيب مفوضية الانتخابات التي حاول ان يتولى أمرها الا ان رئيسها لم يسمح له بذلك، وانتهى الأمر باعتقال رئيسها. البطاقة التموينية قضية كبيرة، انها تتعلق بالغذاء لكنها ايضا قضية من الذي سيصوت وكيف سيصوت، فاذا ما الغيت اليوم فكيف سيصوت الشعب؟ يمكن للمالكي ان يقول "مازلنا سنستخدم البطاقة في الانتخابات القادمة حتى نتوصل الى ما يحل محلها ". لكن هناك اطفال سيبلغون السن الانتخابية عند حلول انتخابات 2014، فكيف سيتم تسجيلهم كبالغين اذا لم تعد البطاقة التموينية موجودة.
ربما يكون المالكي قد رتّب أموره مع مفوضية الانتخابات، وهذا يفسر سبب سكوتها عن المقترح – مع انه ليس مقترحا وإنما صفقة مكتملة-.
من جانبه يتساءل رئيس المجلس الإسلامي الأعلى عمار الحكيم: كيف سيحصل الشعب العراقي على الغذاء اذا ما الغيت البطاقة التموينية؟. هذا أيضا سبب للقلق، فإذا ما تحولت المواد الغذائية الى مبلغ نقدي فان الأسعار سترتفع في الأسواق ولن تتوفر في المناطق الريفية.
بعض اعضاء البرلمان فوجئوا بهذه الخطوة، وهذا دليل آخر على وجود مشكلة؛ اذ كيف يتخذ قرار مثل هذا دون مناقشة علنية.
عن: نيويورك تايمز