علي حسين
امتلأت حياتنا خلال الشهور الماضية بمطوّلات وأغنيات حماسية عن موت المحاصصة، وفي كل ساعة تدخل أصوات جديدة الى الساحة ترفع شعار”نموت، نموت، ونعبر الطوائف”، هكذا وجدت الناس نفسها تعيش في ظل ما يسمى بانتخابات ترفع شعار المجرَّب لايجرَّب، فماذا وجدنا أمس في البرلمان؟ وجدنا أنّ معظم ساستنا يدافعون باستماتة عن استمرار العراق في موقع المتقدم في جدول البؤس والخراب العالمي!
وهذه المكانة العالمية المرموقة وصل إليها العراق نتيجة حاصل جمع محمد الحلبوسي وفالح الفياض ومعهما 328 نائبا لايريدوننا أن نغادر عصر الانتهازية السياسية، وكما تعرف جنابك فإن وراء هذا الإنجاز الكبير منظومة متكاملة تحارب على أكثر من جبهة لكي تضع العراق في قاع سلّة بؤساء العالم، منظومة تعمل في تناغم بديع من عائلة الكربولي التي أصبحت تشتري وتيبع بكراسي البرلمان، إلى قائمة البناء التي تريد أن تفرض رجالها ولو بقوة السيف، إلى سائرون التي لاتزال للاسف تمارس هواية التزلّج على سطح المحاصصة.
غير أنّ هذه الحالة من البؤس التي شاهدناها أمس في البرلمان ليست أكثر من عنوان دالّ ودقيق على حالة البؤس العام التي يرفل فيها العراق، من السياسة إلى الثقافة إلى التعليم إلى الصحة، ولأنّ البؤس بالبؤس يذكر، فمازال المواطن يسأل عن الأموال التي صرفت على بناء قاعة السيد نوري المالكي”الملوكية”، في وقت قتل فيه أكثر من عشرين شاباً بصرياً تظاهروا احتجاجاً على سوء الخدمات، لا تزال الحيرة تملأ وجوه الناس وهي تشاهد الزعيمة حنان الفتلاوي تظهر من على فضائيتها الخاصة في مسلسل”عصر السلاطين”.
تُعرِّف الأمم المتحضرة، أو التي يتمتّع ساستها بالحد الأدنى من سلامة القوى العقلية والحسّ الإنساني والوطني، البرلمان بأنه المكان الذي يجتمع عليه كل المواطنين، في هذا البلد أو ذاك، ليجعل حياة الجميع أفضل، من خلال إحداث نوعٍ من النهوض المتكامل، يستهدف الارتقاء بحياة المواطن العادي، وإنعاش حظوظه في العيش بكرامة، في ظل ساسة يحترمون حقوقه الأساسية في الحرية والعدل والعمل..لكن للاسف ما وجدناه امس يؤكد ان بنية النظام السياسي في العراق لاتريد ان تغادر حالة نادٍ للمقامرة يتحول فيه البعض من لاعب مغمور ومفلس إلى صاحب مشروع استثماري يدر الملايين من الدولارات.
و لأنّ البؤس لا يتجزّأ، فقد عجزت دولة مفترض أنها غنية وكبيرة عن معالجة مياه البصرة، وهي الدولة ذاتها التي شاركت في أكبر عملية نصب على المواطن من خلال فيلم الانتخابات عابرة الطوائف!