طالب عبد العزيز
لم يترك ممثلو الأحزاب الاسلامية في البرلمان العراقي فضيلة نذكرها لهم، فقد كانوا الأسوأ عبر التاريخ العراقي، سياسياً واجتماعياً وثقافياً.. وما قاله النائب عن حزب الفضيلة عمار طعمة، بشأن بغداد ومدينة الرشيد في جلسة البرلمان لا يختلف عن ما يقوله ويفكر به ويعتقده سواه، فهم من طينة واحدة، لا يعون التاريخ وحراكه، ولا يقبلون بمعطيات العصور وتقلب الدهور في بناء الحواضر وتأسيس المدن، ذلك لأننا لم نسمع عن متصوف أو زاهد، عابد أنه بنى قرية، كل مدن العالم العظيمة بناها الأباطرة والسلاطين والملوك والغزاة، أصحاب الشكيمة والمال، أما سواهم، من طبقة العلماء والزهاد والمتصوفة فلم يبنوا لنا شيئاً، سوى الافكار وما خلفوه في بطون الكتب وفي قلوب الناس.
كان النائب الطعمة قد رفض أن يكون طائفياً، غير مدرك أنه بكلامه هذا كان طائفيا من حيث لا يعلم، إذ أنه سيفتح لغيره الباب الطائفي ذاته، متناغما مع العشرات من أمثاله في تغيير اسماء المدن والقرى والضواحي والشوارع والمدارس والشخوص، التي يختلف معها مذهبياً. وبدا بذلك جلياً إن الرجل لم يتصفح التاريخ كما ينبغي، إذ ان كلمة بغداد في الاكادية والآرامية والكاشية والفارسية كلها لا تخرج عن معنى بيت بعل أو الغنم أو عطية الصنم أو هبة الشيطان وهكذا، سيكون عليه تبديل اسم بغداد كله، اللهم، إلا إذا كان بعل والصنم أهون على العطية من الرشيد وابي جعفر.
في الفترة بين عامي 2005-2007 كان متشددون في البصرة قد أزالوا بالطلاء كلمة (الزبير) من كل لوحة تعريفية على الطريق بين البصرة والزبير، في فعل طائفي محض، ولو اتيحت لهم لهدموا مسجد وضريح الزبير بن العوام مثلما فجر متشددون آخرون مسجد وضريح الصحابي طلحة بن عبيدالله ومرقد أنس بن مالك ومسجد العشرة المبشرة وسط المدينة. وكان الأمر سيطال أسماء مساجد ومدارس وقرى. ولكي نزيد السيد النائب معرفة نقول بان مرزوق ابو الخصيب، أحد قادة ابي جعفر المنصور، هو الذي حفر نهر ابي الخصيب في جنوبي العراق، وعنه أخذت المدينة اسمها، وأن مدينة الناصرية بناها ناصر الاشقر، وأن بلدة الزبير القائمة الآن بناها النجديون المهاجرون من الحجاز ونجد، وأن ناحية في شمال البصرة تسمى بناحية طلحة، كل سكانها من أهل الشيعة، وفي العراق ملايين الاسماء التي ترفضها مثل معتصم ومتوكل وعمر وخالد ووليد ورشيد وبكر ووو . يا ترى ماذا تقول فيهم ؟
هذا سخف، وهذه ترهات لا معنى لها، وكلام مثل هذا لا يبني بلاداً أنهكتها الحروب. فلينظر كل واحد منا الى من يحيطه ويجلس الى جانبه ويشترك معه في صناعة الحياة، وليصفح ما أمكنه الصفح، كلنا عراقيون، وأبناء بلاد كانت الأجمل، معيب علينا جميعاً أن نضطر الى القول لكم بان صدام حسين-على ظلمه وفتكه- لم يقلب في العلن حجارة الطائفية، التي تستهوون اللعب بها في مناسبة وغير مناسبة.