TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > بابلو نيرودا: أشهر «مهرّب» في التاريخ

بابلو نيرودا: أشهر «مهرّب» في التاريخ

نشر في: 23 إبريل, 2010: 04:39 م

ترجمة: إسماعيل خليل مجيداصدر نيرودا ديوانين في سن صغيرة نسبياً، ولكن في ديوانه الثالث (20 قصيدة حب وأغنية يأس) وجد صعوبة كبيرة في نشره بسبب استخدامه كثيراً من الرموز الجنسية فيه،
غير أنه سرعان ما اقتنع أحد الناشرين بأهمية نشر هذا الكتاب ما جعل بابلو مشهوراً وهو في العشرين من عمره، بعد ذلك ولج بابلو عالم الأدب في العاصمة»سانتياغو» وراح الناس يتعرفون عليه.وعندما عين قنصلاً فخرياً في «رانغون» وجد نفسه غريباً ووحيداً، فكانت نقطة تحوله الشعرية، فنشر عام1933 ديوان «الإقامة على هذا الكوكب»، وهي قصائد اتسمت بالاغتراب والبعد والتشاؤم والموت، وكان قد طغى على الشاعر حينها طابع الحوار الداخلي مع النفس، لا يخلو من بعض الفوضوية والعبثية، وهنا أصبح الجنس عنده تافها والطبيعة كتلة من الدمار، وغايات البشر تصيبه بالغثيان والإحباط.انتقل بابلو ليعيش في اسبانيا وهنا خرج من عزلته وبدأ حكاية أخرى في حياته، فشاهد بداية الحرب على يد الجنرال فرانكو، وفقد صديقه الشاعر فيدريكو غارسيا لوركا، واتجه شعره بعدها نحو السياسة لخروجه من الهم الشخصي إلى عالم السياسة الصاخب، وكُتب عليه أن يغير نمط شعره ليبدأ مرحلة الكتابة إلى الجماهير في قصائد واضحة ومباشرة.وفي عام 1945 انتسب نيرودا الى الحزب الشيوعي وحين تم حظره في تشيلي عام 1948، تحول نشاطه إلى السرية فاختفى بعيداً عن أنظار حكومة بلاده، وراح ينتقل من بيت إلى بيت، وفي النهاية غادر تشيلي إلى المنفى على ظهر حصان حتى وصل إلى الأرجنتين، ومنها الى دول أخرى في أمريكا اللاتينية وأوروبا وآسيا، قبل أن يعود إلى بلاده عام 1953 بعد صدور العفو عنه.ومع عودته تغير شعره من جديد، وتحولت الكلمات القوية التي تصور المنفى إلى كلمات تعبر عن الحياة اليومية من غرفة النوم حتى حانوت بائع التفاح. لقد كان الشاعر روبرت فروستRobert Frost يعبر عن التفكير العميق بكلمات بسيطة، وهذا لم يحدث مع نيرودا الذي ربط أفكاره البسيطة بعبارات بسيطة.وفي الخمسينيات من القرن الماضي نشر نيرودا أربعة مجلدات من هذه القصائد الغنائية، وكان متزوجاً من زوجته الثانية الرسامة الأرجنتينية ديليا ديل كاريل حين تعرف في المنفى إلى ماتيلدا أوروتيا فأقام معها علاقة سرية قبل أن تصبح زوجته الثالثة.وفي آخر عشرين سنة من حياته ركز نيرودا على قصائد وجدانية عاطفية وخاصة لزوجته ماتيلدا، وطور في هذه القصائد التعبير الرومانسي الذي كتبه في بداياته الشعرية، بينما وُصف في البداية بالشاعر المراهق، ومع كبر سنه راح يكتب قصائد حب ولكنها ناضجة.بعد فوزه بجائزة نوبل فرض (نيرودا) نفسه واحداً من كبار الأدباء لدى دار غاليمار، وقد انتقل للإقامة في باريس التي عينه صديقه الرئيس (سلفادور اللندي) سفيراً فيها، وقد أحدث (نيرودا) تغييراً ثورياً في الديكورات الداخلية لمبنى السفارة.وفي تشرين الثاني من عام 1972 استقال (نيرودا) من منصب السفير وعاد الى بلده تشيلي، وفي الحادي عشر من أيلول 1973 قام الدكتاتور (بينوشيه) بانقلابه العسكري حيث أعدم الرئيس (سلفادور الليندي) وأدخل البلاد في بحر من الدماء.وقد أثرت تلك الأحداث على صحة نيرودا فأقعدته فريسة للمرض، ولفظ أنفاسه الأخيرة في عاصمته سنتياغو، في الثالث والعشرين من سبتمبر 1973، أي بعد 12 يوماً فقط من انقلاب (بينوشيه).استطاع بابلو نيرودا بمكانته الشعرية وصفاته الإنسانية أن يترك الكثير من الانطباعات لدى محبيه وخاصة من تعرفوا إليه عن قرب وعاشروه لفترات من الزمن خلال تنقلاته في عدة بلدان، فعندما ترجم ديوان «إسبانيا في القلب» الى الفرنسية، كتب مقدمة الترجمة الشاعر الفرنسي الكبير لويس أراغون «اخترنا هذا الديوان، ذا الصفحات القليلة كمقدمة عملاقة لأدب العالم كله، ولست أشك في أن الشبان الذين سيقرؤون ترجمته الفرنسية سيحسون بالرعشة التي أحس بها جيلي وهو يقرأ الشاعر أبوللينير (1880 - 1918)، وكم أتمنى أن تبلغ هذه الترجمة قلوب الذين قُدّوا من صخر.. أن فيه قوة تسقط الأسوار بالغناء».وتقول عنه المفكرة الكولومبية انجريد بيتانكور «هناك القليل من البالغين يعرفون كيف يجدون الكلمات الصحيحة كي يشاركوا الأطفال في انفعالاتهم، وكان بابلو نيرودا يعرف ذلك»، أما الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم فيرى أن نيرودا «أعظم شاعر أنجبته تشيلي على الإطلاق.. كل جريمته أنه سخر عبقريته لخدمة الناس البسطاء».أما الشاعر الإسباني غارسيا لوركا، فقد وصفه بقوله «له وجه مدهش كغجري مصقول ومن يدري لعله ابن أميرة أراوكانيّة، ومصارع ثيران من رندة»، وفي إشارة إلى خلود الشعر الذي يعبر عن وجدان الإنسان وهمومه قال لوركا عن بابلو» يعرف أن طائر السنونو أكثر بقاء من التمثال الصلب».rn(من مجلة أمانثير الاسبانية)

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram