TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > ذاهبون الى القصيدة الى بابلو نيرودا

ذاهبون الى القصيدة الى بابلو نيرودا

نشر في: 23 إبريل, 2010: 04:50 م

محمود درويش العام 1975، بعد نحو ثلاثة أشهر على اندلاع الحرب في لبنان، صدر العدد السادس والأربعون من مجلة «شؤون فلسطينية» (حزيران/ يونيو) حاملاً قصيدة للشاعر محمود درويش عـنوانها «ذاهبون الى القصيدة – الى بابلو نيرودا».
 لكن ظروف الحرب حالت دون انتشار العدد من المجلة التي كان درويش يرأس تحريرها، ما جعل القصيدة تبقى مجهولة أو شبه مجهولة، على رغم أهمّيتها، ونبرتها الغنائية الجديدة التي ستتجلّى من ثمّ في أعمال الشاعر اللاحقة. كان درويش أصدر آخر دواوينه حينذاك «تلك صورتها وهذا انتحار العاشق» وكان يتهيّأ لنشر ديوانه الجديد «أعراس». وعندما صدر «أعراس» لم تكن هذه القصيدة ذات الطابع المختلف في عداد قصائـده. ثم تـوالت دواويـن درويـش ولـم يحـمـل أيٌّ منـها هذه القصيدة. لم ينس محمود قصيدته هذه ولم يتناسَها، لكنه لم يجد لها موقعاً في دواوينه التي تعاقبت حاملة سماتها الخاصة، فظلت القصيدة مجهولة أو شبه مجهولة، مع أن الشاعر كان يحبها ويكنّ لها عاطفة وذكرى، وكان يردّد مقاطع منها أمام أصدقائه في الجلسات الحميمة. وكان دوماً يقول أن لا بد لها من أن تجد مكاناً لها في ديوان. وغاب محمود درويش ولم تصدر القصيدة في ديوان، فظلّت أسيرة ذلك العدد من «شؤون فلسطينية».ولعل فرادة هذه القصيدة تكمن في انتمائها الى بدايات المرحلة الجديدة التي كان يخوضها الشاعر مشرعاً نوافذ الشعر على آفاق متعدّدة، هي آفاق الذات الإنسانية والغنائية العالية واللغة المحدثة.يتسلّقُ الجيتارَ:ستُّ سنابل تأتي من الأسرارِ.تنهمرُ الجهاتُ عليه – منه. وهكذا تأتي الخلاصةُ:إنّ خمس أنامل تحمي المحيطَ من الجفاف.ويغضبُ الجيتارُ:ستُّ زوابعٍ تأتي من الصمتِ المهدِّدِ.هكذا تأتي الخلاصة: إنّ خمس أصابعتحمي الصباح من التردّدِ.إنّ نيرودايُغنّيبين الفراشة واللهيب يسافرُ الشعراءُبين السيف والدم فوق حدّ السيف ينتظرون وردتهميُحبّون القصيدة حيث تفلت من هواجسهم وينتحرون في أوجِ القصيدةْالموتُ يسكنهم ولا يدرون... ينفجرون مثل شقائق النعمان في يومٍربيعيّ قصيرْ.بين القصيدة والقصيدة يطردون البحرَ...ينتقمون من زَبَدٍ يفرّ من الأصابعِيذهبون إلى الشوارع عاجزين ومُتعبينكأيّ بوليس يفتّشُ عن علاقات مُحرّمة ليكتبَ أيّشيء ضدّ أي شيء...يكذبون على النساء...يزوّرون الحبرَ والقبلاتِ...عاديّون عاديّون ما بين القصيدة والقصيدة يسأمون الشّعر والفجرالمبكّر و... الوطن.... وكما يموت النّسرُ ينطلقونَنيرودا!جَمَعْتَ لنا الندى من كلّ زنبقة وجمجمةٍشربتَ هدير هذا البحر نخبَ يدٍ تقاومُ في حقول الموزِ - والأصدافُ بين يديكَ -كان الشرقُ يغسل وجههُ في لهجةٍ صينيّةٍوالحربُ تجعل كلّ شيء واضحاً كالخبزِهل يتمهّلُ الزلزال أمسيةً لنخرجَ من قواميس اللغات إلىضواحي الصوت؟فلّاحوكَصيّادوكَجلّادوكَيحتشدون فوق أصابع الجيتار...أحصنةٌ تدور مع الرياح السودِإمرأةٌ تهاجمها بأغنيةٍ، وتسقطُ في البنفسجِتستطيعُ وتستطيعُ وتستطيعْ.دمُنا على المحراثِنيرودا! تُغنّي أمْ تروّض غابةًتمشي على الإيقاع أم يتجوّل البركانُ فيكَوحارسُ البستان يختزن الأفاعي خلفَ صوتكَ.إنّ جمهوريةً أخرى تُعيد قصيدة أخرى إلى أفراحها...لكن شطآن القصيدة لا تُدجّنها البحيرةُ - كان فيدريكو يموت على «سياجٍ يحجبُ القمر» الحبيبُ يموتُ.أجراسٌ تدقّ وتختفي في القلبِ...كان الموتُ يجعلُ كلّ شيء واضحاً كالعشبِهل يتمهّل الزلزال أمسيةً لنجمع عن خناجرهم دمَ الأطفالوالشعراءِ؟كان الليل أوضحَ من خطى الشهداءِلكنّ المياه تسيلُ من وَتَرٍ يقاومُ صخرةً صمّاء...نيرودا! سننتصرُالقيود لنا - سننتصرُالنشيدُ لنا - سننتصرُالضروعُ مليئةٌ بالبرقِ - ننتصرُالضلوع منازلٌ للعشق - ننتصرُالجيادُ السودُ تهبط من مكانٍ ما - سننتصرُالنهايةُ تنتهيهذا هو الجيتارُ أرضٌ في تمامِ الصوت تزخر بالوضوح من الوريدإلى الوريد...وها همُ الشعراءُ في أوجِ القصيدةِ ذاهبون إلى القصيدةِ فيشباكِ الصيّدِيولدُ فوجُ ضبّاط جديدٌ. سورةُ الموتى تزيدُ. وعاملُ التعدينيدخل عامه السبعين. والشعراء يختارون هاجسهمْوينتحرونَ خلف البرلمانِ...منذ البدايةِ: إنّ هذا المسرحَ الخالي من الجمهور والجدرانينتظر البشارةَ في الأغاني.ها نحنُ نتّفقُ: الغزالةُ لا تحبّ الشعرَوالشعراء حقلٌ أزرقٌ لم يُفتَرعْ إلا بأقدام الغزالةْ.ها نحن نختلفُ: الجبالُ بعيدةٌ...نتسلّقُ الجيتارَ. ستّ زنابقٍ تأتي من الفحم. الجهاتُ تعودُمن ساحات غربتها وتأوي للنوافذِ. إنّ خمس أصابع تحمي الفضاءمن البقاء على سطوح البرلمانِ.وإنّنيرودايغنّي.ها نحن نختلفُ - اتفقناها نحن نتّفقُ - اختلفنا.للجبالِ يدٌ هي المطرُ. القصيدة ملء هذا المسرح الخالي منالجدرانِللأرضِ ارتعاشاتٌ هي الدمُ. حين ينهمرُ الرصاص عليكَ – منكومن لصوص الليلِ تصرخُ في وضوحْإنّ الجروح هي الجروحْ.لكنّ هذا البحر أزرقْلكنّ هذا الحقل أخضرْودم المغنّي أبيضٌ فوق الشوارعِ والأصابعِ.عاملُ التعدين يدخل عامه السبعين...يقرأ أبجديّة قلبه المشويّ فوق الفحم ف

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram