adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
ما كنتُ أتمنى للسيد برهم صالح أن يترشّح،أو يُرَشّح، إلى وظيفة رئيس الجمهورية بالطريقة التي حصلتْ، فهي في ظنّي غير لائقة به وبالحزب الذي رشّحه والحزب الذي كان يترأسه وتركه من أجل هذا الترشيح، في ما يبدو، وبالحركة السياسية الكردية وبالكرد عموماً وبالشعب العراقي بأجمعه.
بعض الذين يعرفون السيد صالح عن قرب يقولون عنه إنه مثقف وذكي. وفضلاً عن هذا فإنَّ له تاريخاً في الحركة النضالية لشعبه، وهو مؤهّل علمياً ولديه خبرة جيدة في العمل الحكومي إن في إقليم كردستان أو في الحكومة الاتحادية. هذا كلّه أيضاً ممّا يجعل ترشّحه بالصورة الحاصلة أمراً غير ملائم.
قبل أربع سنوات سعى صالح، مع آخرين من حزبه للترشّح إلى رئاسة الجمهورية، لكنّ قيادة حزبه ارتأت ترشيح غيره، الرئيس فؤاد معصوم. وقبل سنة واحدة فقط من الآن استقال صالح من الاتحاد الوطني الكردستاني الذي كان يشغل فيه منصب النائب الثاني للسكرتير العام، وشكّل حزباً جديداً خاض انتخابات البرلمان الاتحادي الأخيرة وخرج منها بمقعدين. وغير مرة أكد أنه من غير الوارد عودته الى الاتحاد الوطني. في الأسبوع الماضي انقلب صالح على نفسه وعلى حزبه ليعود إلى الاتحاد الوطني الذي أعلن في يوم إعادة صالح إلى الحزب عن ترشيحه إلى رئاسة الجمهورية من دون التنسيق والتوافق مع الأحزاب الكردية الأخرى وبخاصة أكبرها الحزب الديمقراطي الكردساني.
ما مِن أحد، مهما تغابى، سيمكنه عدم الربط بين العودة والترشيح إلى رئاسة الجمهورية. وحتى لو - لأي سبب من الأسباب - وافق الحزب الديمقراطي الكردستاني وسائر الأحزاب الكردستانية التي أُخِذت على حين غرّة بتطورات عودة صالح إلى الاتحاد الوطني وترشيحه، فسيكون من الصعب، بل المستحيل أن يبلع الكثير من العراقيين، كرداً وعرباً وسواهم، هذه الجرعة الثقيلة. وبالفعل فإن مواقع التواصل الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية حفلت بالتعليقات التي وجد أصحابها في خطوة صالح والاتحاد الوطني خطوة"انتهازية". هذا بالذات ما لا يتعيّن أن يكون، فمَنْ يحتلّ منصب رئيس الجمهورية يجب أن تتحقّق له الحظوة بأوسع تقدير واحترام ومهابة في الأوساط السياسية والشعبية، نسبةً الى المركز المرموق لمنصب الرئيس في هرم الدولة ودوره الحيوي في صيانة الدستور ورعاية أحكامه وبوصفه شريكاً في السلطة التنفيذية.. ينبغي إعطاء الحقّ لمن يتساءل: كيف سنضمن أنّ رئيس الجمهورية الذي يأتي الى منصبه بهذه الطريقة، سيكون حارساً يقظاً للدستور ومراقباً أميناً لتطبيقاته ولا يحابي القوى السياسية التي تسعى للتجاوز على الدستور ولا دول الجوار وسائر الدول العاملة على التدخل في الشؤون الداخلية للبلاد، كما حصل مراراً وتكراراً في الولايات الرئاسية الثلاث الأخيرة..؟