adnan.h@almadapaper.net
عدنان حسين
مهتمّون ومنشغلون بمواصفات رئيس الوزراء القادم.. كما يقولون. منكبّون على تدوين هذه المواصفات من دون اكتراث للأسماء.. كما يقولون أيضاً.. يريدونه، كما يقولون، حازماً وشجاعاً وكفوءاً ونزيهاً ووطنياً.
كذّابون بالتأكيد، لأنهم لن يقبلوا به غير شيعي، حتى لو كان الأكثر حزماً وشجاعة وكفاءة ونزاهة ووطنية بين العراقيات والعراقيين، كما لو أن أمهات سائر العراقيين لم يلدن بعد الحازم ،الشجاع، الكفوء،النزيه والوطني.. بل كما لو أن أمهات الشيعة من خارج الأحزاب الشيعية لم يفعلنها بعد..!
كذّابون أيضاً، لأنهم لحسوا كل الكلام الذي كانوا يقولون في نبذ المحاصصة وفي تبشيع دورها الرديء في صنع الكوارث والبلاوي والمحن للعراق ولشعب العراق. رئيس مجلس النواب مرّروه بسرعة خاطفة على أساس المحاصصة وبموجب صفقة فاسدة فضحها التصوير بهواتف الموبايل تحت قبة البرلمان .. لم يهتموا، سابقاً أو لاحقاً، بمواصفاته ولم يسألوا عن برنامجه، كما لو أنه معيّن مدير بلدية في ناحية أو قضاء.. كما لو أنه ليس رئيس السلطة الأولى والأعلى والأقوى والأهم في البلاد ولا يتعيّن أن تكون مواصفاته وخصاله أدنى من مثيلاتها لدى رئيس الوزراء ولو بدرجة واحدة. وكذا الحال بالنسبة لرئيس الجمهورية الذي لا يهتمون ولا ينشغلون الآن إلا بأصله القومي وفصله الحزبي، لزوم نظام المحاصصة الذي يُراد له أن يظلّ السيف البتّار المُصْلت على رقاب العراقيين ورؤوسهم وألسنتهم برغم أنوفهم.
ليس صحيحاً أن ينحصر الاهتمام والانشغال برئيس الوزراء وحده ومواصفاته (إذا كان هذا الاهتمام والانشغال جادّاً وليس ذرّاً للرماد في العيون وتوطئة لصفقة فاسدة أخرى) .. لا ينبغي أن يكون رئيس مجلس النواب بمواصفات مختلفة.. رؤساء المجلس السابقون جميعاً كان لهم دور كبير في حال الفشل المتفاقمة الدولة... في عمل هم أيضاً يتحمّلون مسؤولية كبيرة على هذا الصعيد.. ما كانوا أهلاً للمنصب ولا كانوا أمناء على اليمين الدستورية التي أدّوها، ولم يسائلهم أحد.. وكذا الحال بالنسبة لرؤساء الجمهورية الذين ركنوا إلى الفكرة السقيمة بأن منصب الرئيس شرفي فيما هو جزء أساس وشريك قوي للسلطة التنفيذية، بل إنّ الدستور يمنح الرئيس سلطة رفع الكارت الأحمر في وجه كل التشريعات والممارسات الخارجة على أحكام الدستور .. وبالعشرات، وربما بالمئات، كانت خروق الدستور من السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية منذ أحداً فيها، من الرئيس نفسه الى مساعديه ومستشاريه، لم يسمع ولم يرَ!
نعم نريد، لأننا الآن بالذات في أمسّ الحاجة بعد كل الخراب الذي حصل، رئيساً للحكومة حازماً وشجاعاً وكفوءاً ونزيهاً ووطنياً .. ونريد كذلك، للحاجة ذاتها، رئيساً للجمهورية بالمواصفات عينها، وكنّا في حاجة مماثلة لرئيس مجلس نواب بالمواصفات نفسها.